|
مسوخ ديمقراطية
عدنان شيرخان
الحوار المتمدن-العدد: 2819 - 2009 / 11 / 3 - 12:25
المحور:
كتابات ساخرة
تدعي الانظمة التي يطلق عليها ظلما وتجنيا "الدول النامية" بين حقبة واخرى تبنيها لفكر سياسي او اقتصادي معين تحاول من خلاله اخفاء اوضاعها المتخلفة عن الانظار. ففي عقدي الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي ويوم كان الاتحاد السوفيتي ودول اوروبا الشرقية في اوج عزهم وقوتهم، كانت (موضة) قادة الدول النامية هي الاشتراكية، في منطقتنا ظهرت اشتراكيات رشيدة وحميدة ومجيدة، وكان لكل حاكم وحزب اشتراكية خاصة ومفصلة على قياسه، ادعت تلك الانظمة يومها ان لكل بلد طريقه الخاص به لبلوغ الاشتراكية. ولكن السياسات الاقتصادية الحقيقية لتلك الدول لم تكن لها اية علاقة بالشعارات المرفوعة، ما كان يحدث فعلا على ارض الواقع مجموعة من كوارث وفوضى اقتصادية واسؤ استخدام للثروات الوطنية، سيطر الحكام والاحزاب المنفردة على جميع مفاصل الحياة الاقتصادية لمصالحها الشخصية البحتة، وكان كبار مسؤولي الدولة تجارا يستوردون ويصدرون ويبنون ويؤجرون، واصبح لهم باع طويل في (البزنس)، واشارت الرفاهية المادية التي عاشوا في كنفها الى فجوات هائلة بين النخب السياسية وبين عموم الشعب. وادى تبنى سياسات اقتصادية مشوهة الى كوارث تحتاج الى عقود لترميم اوضاعها. مع انهيار الاتحاد السوفيتي وانفراط عقد اتباعه في اوروبا الشرقية، افل نجم الاشتراكية وفقدت بريقها سريعا. وسارع قادة العديد من الدول النامية الى رفع شعار الديمقراطية، ربما غزلا للقطب الاوحد الذي تسيد العالم واظهارا للود والصداقة تجاه الغرب. ومع وضوح ملامح القرن الحادي والعشرين وهيمنة الافكار الليبرالية واقتصاد الاسواق الحرة، والدعوات الصريحة لتبني الديمقراطية كشكل افضل للحكم، ظهرت نسخ متكررة من ادعاءات تبني الديمقراطية لاحجة لها الا اجراءها الانتخابات، التي لم ولن تشهد هزيمة من في السلطة على كثرة عدد هذه الانظمة. وشاهدنا في منطقتنا رئيسا ديمقراطيا يفوز قبل ايام بولاية خامسة، وجاره الديمقراطي غيروا له الدستور ليتمكن من الفوز بولاية جديدة، ورئيس ديمقراطي آخر بلغ من العمر عتيا يضع حدا لشائعات تنحيه عن الحكم بتصريحه انه مصر ومصمم على خدمة بلده مادام فيه عرق ينبض، ومعارضو بقائه في الحكم يقولون ان اموره الصحية ليست على ما يرام وانه لم يعد يطيق هواء العاصمة الملوث، وان ثمة ترتيبات تعد على عجل داخل حزب السلطة لتولي نجله الرئاسة، الذي سيبقى فيها هو الاخر مادام فيه عرق ينبض. عندنا رؤساء (معتقون) عاصر الواحد منهم نصف (درزينة) من رؤساء دول الديمقراطيات العتيدة. منهم من عاصر الرؤساء الاميركان ريجان بولاتين وبوش الاب وكلينتون بولايتين وبوش الابن بولايتين وامد الله لهم حياتهم السعيدة ليشهدوا ولاية اول رئيس اميركي من اصول افريقية اوباما. دول لا تمتلك من مقومات تبني الديمقراطية كآلية واضحة المعالم للحكم شيئا يذكر، لا مؤسسات وممارسات ولا فكر ديمقراطي، انظمة غير قادرة على حكم نفسها بمفاهيم فصل السلطات ودولة المؤسسات واحترام الدستور والتدوال السلمي للسلطة، الحريات تهان تحت اقدام اجهزة الرقابة والامن والمخابرات والحمايات، كل ما في ديمقراطية هذه الانظمة هي انتخابات كارتونية تجري كل بضع سنين، نتائجها معروفة سلفا، انها بحق اسؤ نماذج ممسوخة ومنزوعة القيمة للديمقراطية، وبما يمثل اهانة للديمقراطية، وضحك على ذقون الشعوب. في حق منطقتنا يقول استاذ السياسة الخارجية والكاتب الاميركي مايكل منادلبوم (الاستثناء للتحرك العالمي نحو الديمقراطية هي منطقة الشرق الاوسط العربية)، الامر الذي قد يساعد على فهم عمق معاداة جيران العراق الاقليميين للنظام الجديد الذي ولد بعد العام 2003، وتحولهم الى حواضن للارهاب يصدرون له الموت والدمار، اختلف الجيران على اشياء عديدة، ولكنهم اتفقوا على ضرورة عدم رؤية نظام ديمقراطي حقيقي النور في المنطقة .. لاسباب واضحة ومعروفة ..
#عدنان_شيرخان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عنصري على الهواء
-
البحث عن سقف
-
الغاية هي الشعب
-
مواطن مطلبي
-
املهم في الانتظار
-
خسارة الوزير حسني
-
لتبقى الخلافات وراء الكواليس
-
خواطر وحسرات
-
اجازة الرئيس
-
موسم الانتخابات
-
ازمة علاقة
-
هموم انتخابية مبكرة
-
البحث عن رمز وطني
-
الديمقراطية المخملية
-
الاعلام والفساد
-
المال السياسي والانتخابات
-
هموم ومخاوف
-
الديمقراطية اللبنانية
-
الانتخابات البرلمانية اللبنانية :
-
السلطة والتكييف
المزيد.....
-
الرئيس عون: مكافحة ثقافة الفساد ومحاربتها تستدعي مساهمة الجم
...
-
-15 قرشا- لتعيش مع نخبة من الشخصيات العالمية!
-
أبرز المسلسلات العربية في رمضان 2025
-
الفنانة نجوى فؤاد تتحدث لـRT عن حالتها الصحية واعتزالها الفن
...
-
رحيل إحدى أبرز مغنيات موسيقى السول الأمريكية روبرتا فلاك عن
...
-
سوريا.. أحزاب كردية تنتقد -التمثيل الشكلي- في الحوار الوطني
...
-
-تاريخ العيون المُطْفأة- لنبيل سليمان.. عميان في جغرافيا الا
...
-
روسيا تحتضن معرضا للفنان العراقي صفاء حاتم سعدون الحساني
-
نشر مجموعة شعرية
-
تحقيق فرنسي يستهدف الممثل جيرار دوبارديو بشأن -مقر ضريبي وهم
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|