|
البرلمان العراقي طريح النقاش
علي عرمش شوكت
الحوار المتمدن-العدد: 2809 - 2009 / 10 / 24 - 16:41
المحور:
ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق
يبدو ان نواب الشعب العراقي شعروا بدنو رحيلهم بلا عودة ، نؤكد على بلا عودة ، وعليه قاموا بخطوة استباقية لا يقوم بها عادة الا الذين يشعرون بقرب وفاتهم ، فيبادرون الى توريث ما يمتلكونه الى ذويهم ، و من معاينة حتى وإن كانت عابرة لخطوة النواب هذه يُفهم بأن دوامة الجدل والنقاش قد اعيتهم وافرغتهم من مقومات البقاء الى نهاية المشوار ، وعليه حزموا امرهم معبرين بذلك عن فشلهم في مهمتهم ، وتحويلها الى ملوك الكتل السياسية الذين يشكلون المجلس السياسي للامن الوطني دون اية مسوغات دستورية تجيز لهم هذا التصرف ، ومن الانصاف الا نقسواعلى البعض الاغلب منهم ونحملهم مهمة انجاز قوانين ديمقراطية حضارية عادلة مكرسة لبناء دولة عراقية مدنية ديمقراطية حديثة ، لكونهم لايستوعبون جوهرها ولا يرغبون بوجودها لكونها تقطع عليهم طريق المنافع والامتيازات المتجاوزة على عتبة الاستحقاقات الانتخابية المقرّة والمشرّعة . ان صراع الارادات الذاتية جداً قد شل البرلمان بل وحوله الى ما يشبه سوق للمازادات وللمناقصات حسب القضية ( السلعة ) السياسية المطروحة ، كانت النقاشات اثناء انعقاد البرلمان بمثابة رمي مدفعي يطلق باتجاه الاخر المختلف دون الاكتراث بمصير القضية المطروحة للتشريع ، فغالباً ما تبتعد تلك المناقشات عن الهدف لكونها غير موجهة لمعالجة إشكال معين ، او لاقناع المقابل ، انما تأخذ عادة نمط توجيه اللكمات المسددة بقصد التطويح بالاراء الاخرى بغية الوصول الى فرض ارادة طرف على الطرف الاخر ، وعندما يصل النقاش الى درجة المساس بالمصالح الخاصة يتم نسيان حتى مفاهيم ( الديمقراطية التوافقية ) التي دأبوا على التعامل بها حينما تكون المادة المطروحة للنقاش قابلة للمحاصصة ، ولهذا بات البرلمان طريح النقاش وفي حالة موت سريري ، اما غياب المصلحة الوطنية فحدّث بلا حرج . ويبدو ان قانون الانتخابات قد بات تحت رحمة ملوك الكتل الكبيرة ، فلا تعديل ولا قانون جديد ، وكان ارساله الى المجلس السياسي للامن الوطني ليس خذلاناً لبنات وابناء الشعب العراقي فحسب ، انما هي محاولة للابقاء على القانون القديم ، الذي كان الحافلة التي اقلتهم الى البرلمان دون اي عناء وبلا توفر الشروط الدستورية ، حيث سيؤدي تغيره او تعديله الى عدم عودتهم في الدورة البرلمانية المقبلة ، وبخاصة الذين عيّنوا نواباً !! ، و حقيقة الامر كانوا نوائب ، وعبارة عن خيال مآتة ، فاقدي الروح ومقطوعي النسب بشعبهم وهمومه المتزايدة ، ولا يختلف عاقلان حول سبب ارسال قانون الانتخابات الى المجلس السياسي للامن الوطني ، حيث كان الفشل الصارخ لنواب الشعب وعجزهم وخوفهم بسبب ذلك من الازالة كالبناء العشوائي تماماً ، هو الذي ادى بهم الى التخل عن اصدار قانون جديد، واللجؤ الى الدهاليز الخلفية المغلقة للبحث عن اسعافات عاجلة لانفاسهم المزهوقة ، لعل في ذلك نجدة من مأزقهم المتدحرج نحو هاوية اللاعودة . ولا يغرب عن البال فمن جانب اخر يسعى اصحاب الكتل الى التمسك بصلاحياتهم في تعين من هو من الحسب والنسب الاقرب عليهم كنائب ، فيأتي هذا الاخير الى البرلمان ناطقاً باسم من عينه وليس باسم من انتخبه لعدم وجود اي تعارف بينه وبين الناخبين لاسابقاً ولا لاحقاً ، وذلك من افضال القائمة المغلقة ، وعليه لايجد النائب اي الزام عليه غير ارادة مرؤسيه في الكتلة ، ان ذلك احد اهم دوافع التمسك بالقانون القديم ، غير ان هنالك من يُعزي استعصاء اصدار قانون جديد للانتخابات الى قضية كركوك ، فلا احد يتجاهل ذلك الاشكال الذي جاء بفعل التخندق العرقي ، ولكن قد استغلت هذه القضية كابشع غطاء من قبل بعض الدوائر السياسية بغية الابقاء على القانون الانتخابي القديم . ان الصراع السياسي يدور حول تداول السلطة اصلاً ، ويتجلى هذا الصراع ليس في البرلمان حول اصدار القوانين فحسب ، انما يتلمسه المواطن العراقي في كل منعطف في الحياة السياسية العراقية ، اذ خلق فعله ظاهرة الانشطارات داخل اغلب الكتل ، والسبب غير مجهول ، وعليه غدونا لا نستطيع اللحاق بتعدد الإئتلافات والكيانات الانتخابية ، ولكن حتى وان تعددت بقيت تفتقر للتمايز السياسي والمنهجي ، غير ان الفرز سيأتي في موعد الانتخابات المقبلة وحينها سيذوب الثلج ويبان المرج على حد المثل الشعبي .
#علي_عرمش_شوكت (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بعض قوى التيار الديمقراطي العراقي بين حانة ومانة
-
النخبة الحاكمة في مهب ريح القائمة المفتوحة
-
قانون الانتخابات العراقية النافذ يتأبط ظلماً للناخب
-
البرلمان العراقي .. نواب للشعب ام للقطاع الخاص ؟
-
إئتلاف زائد إئتلافاً يساوي إئتلافاً واحداً
-
محور العدالة الانتخابية يتكئ على الدائرة الواحدة
-
الحزب الشيوعي العراقي .. سياسة التروي وسط صراع صاخب
-
الطبقة الحاكمة العراقية .. علاقات بينية تمشي بلا قدم
-
الإئتلاف الوطي المنشود في رسم طاولة التفاوض
-
التيار الديمقراطي العراقي.. لاعب ام متفرج .. ؟
-
تجاذبات عاصفة لانقاذ إئتلافات تالفة
-
تجاذبات عاصفة لانقاذ ائتلافات تالفة
-
اصلاح الامور من خلال اصلاح الدستور
-
الامريكان والبعثيون .. مقاربات تمليها مصالح
-
خلافات الساسة تضع العراق على سكة الضياع
-
وساطة بايدن بضاعة بائرة
-
قانون انتخابات جديد ام محاولة لاعادة انتشار الكتل الكبيرة ..
...
-
خطوة من قبيل الانسحاب لها الف حساب
-
النفط دماء الوطن فلا ترخصه جولة التراخيص
-
دموع المرشد غسلت عنوان دكتاتورية الفقيه
المزيد.....
-
استخراج عشرات الجثث من مقبرة جماعية في شمال غزة
-
ترامب يختار سفيرا للولايات المتحدة لدى لبنان من أصول لبنانية
...
-
قوات كييف تتحضر للتراجع من مقاطعة كورسك في غضون أسبوعين
-
-السطر الأول هو الأهم-.. زاخاروفا تعلق على تهديد ترامب بتشدي
...
-
تهانينا أمير!.. ترامب يعيّن أمير غالب سفيرا لدى الكويت
-
روسيا تقترب من محاصرة القوات الأوكرانية في كورسك
-
كيف تؤثر أزمة الثقة بين الساسة والعسكر على مستقبل إسرائيل؟
-
أسرار العلاقة بين أنماط النوم واضطرابات سكر الدم
-
الطيور تتنفس البلاستيك.. ما الذي يعنيه ذلك للبشر؟
-
هل يصبح الموز فاكهة نادرة عالميا؟
المزيد.....
|