أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أنسي الحاج - خطأ قاهر:الأضاحي














المزيد.....

خطأ قاهر:الأضاحي


أنسي الحاج

الحوار المتمدن-العدد: 2791 - 2009 / 10 / 6 - 17:22
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    



تحكي الأساطير كيف أن أغلى القرابين تَرْخص أمام المرجوّات الكبرى. وفي الأساطير أيضاً أن أسوأ ما قد يحصل، أضاحٍ تُسْفَح لقاء لا شيء. أو يكون ما بعدها أشدّ بؤساً وظلماً ممّا كان قبلها. ولعلّ الكفر بالأوثان قد انبثق من الشعور بهذا الهباء.
كثيرون منّا، إن لم نكن جميعنا، سُفحوا قرابين ذات يوم أو هُم سَفَحوا أنفسهم، والأوفر حظّاً بينهم أولئك الذين كُتبت لهم حياة ثانية بعد المحرقة. وأمّا الذين يُرْمون ويظلّون مرميّين فلا يستطيع شيء ولا أحد أن يخفّف عنهم وطأة القهر. القربان الصغير السنّ قهرُهُ أنّه قُطف باكراً عن غصنه، والقربان الكبير السنّ قهرُهُ أن ماضيه لم يشفع له فضاع كلّ شيءٍ بين الأشداق. تبقى الضحيّة التي لا تُسلّم بهذا ولا بذاك من مبرّرات التضحية بها، تلك التي تتوهّم أن التقادُم يمنحها حقوقاً مقدّسة، وأن نهر العطاء الذي ساهمت به لا يمكن أن يأتي على دورها فيه تقصيرُ شيخوخة أو عجزُ مَرَض، فالإنسان ليس ليمونة تُعْصَر وتُرمى، والمكافأة على بذله حياته لا يحدّها راتب شهري ولا «تعويض» لا يعوّض في الواقع إلاّ ما يعوّضه المسكّن على المريض أو النزهة في باحة السجن على السجين. لشدّ ما تُصْعَق هذه الفئة من الطوباويين حين يأتيها خبرها بقرار، فترى حياتَها أمام عينيها كومةَ أوهام، وكم كان الواحد مخدوعاً بأمان الأيام، مطمئنّاً إلى غدٍ يملك مصيره سواه كما يمتلك مصير سواه هذا، سواه، إلى آخر سلسلةِ الملاّكين ضمن الطاحون الكوني العملاق، الطاحون الدهري الحديث المستحدث على الدوام، الطاحون الذي يلتهم الأعمار وهو يُقْنعها بأنه يُغذّيها، ويقذف إلى العدم بمَن يَستهلك قَذْفَ «القانون» و«المصلحة العامّة»، ويوهم مَن يستبقيهم في خدمته بأنهم مميّزون، ثابتون على الزمان، سادةٌ على المصائر.
لا فائدةَ من القول إن العلّة في النظام. ولا فائدةَ من كلّ الثورات على النظام. إنه الواقع الذي تتغلّب فيه شريعة رأس المال، كان مذ كان، وما زال مستمرّاً مع مزيدٍ من التكيُّف والتطوّر.
وإذا لم يُسفح دمكَ على مذبح تصفية الأعمار سُفح أمام مقتضيات «النجاح»، أشدّ أنواع السباق توحُّشاً.
وأفظع ما في الأمر أنّنا لا ننتبه إلى الأضاحي إلّا بعد فوات الأوان... كأنها الحياة تريدنا أن نتّعظ ضدّ ما تُعلّمنا إيّاه الأخلاقيّات، وتُكرهنا إكراهاً على الذَأْبَنة، وإن لم نستطع، فعلى المرارة، وإن لم نستطع، فعلى الاستسلام.
ولماذا نتظاهر بالدهشة؟ كلّنا ذات يومٍ كنّا ضحايا وكلّنا كنّا جلّادين ودسنا على ضحايا. مع الاعتذار للذئاب، التي لم يعطها اللّه عقلاً تسمو به ويقال إنه لم يضع فيها النفحة التي وضعها من روحه في الإنسان، ومع هذا أبطلتْ مفعولَ المثلِ الذي اخترعهُ البشر «إن لم تكن ذئباً أكلَتْكَ الذئاب». وصوابه «إن لم تكن ذئباً أكلكَ البشر». وصواب الصواب «حتّى لو كنت ذئباً أكلكَ البشر»، بمَن فيهم المبشّرون بالقيم والفضائل. وهذا منذ القِدَم. ومع الصقل والتصفيح جيلاً بعد جيل. والرجاء عدم إرسال أكاليل.



#أنسي_الحاج (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الهاجس المُنقذ
- نداء لا يتوقّف
- ■ الماغوط بين الدمعة والقهقهة
- «الإنسان هو ما يُخفي»
- موسيقيّات (2)
- على سحابة رجليك
- لي حبيبة . . .
- موسيقيّات
- كنا نحسب الفراغ نبيذاً
- دينيّات: بين الشدياق وعفلق
- مهما صرخ
- ليت العرب ظاهرة صوتيّة
- ماركسيّات
- شتاء الحاج
- مختارات من خواتم
- خارج الموضوع
- أخافُ أن أعرف
- تداعيات حول عاصي الرّحباني
- على الحافّة
- ماذا صنعتَ بالذّهب؟؟ ماذا فعلتَ بالوردة؟؟!!!


المزيد.....




- أول تعليق روسي على -مزاعم- مشاركة صينيين بمعارك أوكرانيا
- الفراولة -الأكثر شهرة- بأمريكا تستعيد نضارتها مع بداية الربي ...
- إسبانيا: لعبة تتسبب بتسريب وثائق عسكرية مصنفة سرّية وتهدد ال ...
- هزة أرضية بقوة 5.5 درجة تضرب شمال باكستان (فيديو)
- برج غريب يظهر في -المنطقة 51- الغامضة يثير عاصفة من التكهنات ...
- أكبر صالحي: واشنطن لن تستطيع قيادة أو إنهاء الحرب مع إيران
- البيت الأبيض يكشف -السلاح السري- لأصغر متحدثة باسمه في مواجه ...
- الصين تطلق قمرا صناعيا سريا
- لافروف يجتمع مع نظيره السوداني علي الشريف على هامش منتدى أنط ...
- القضاء الفرنسي يلاحق ثلاثة أشخاص بتهمة خطف معارض جزائري على ...


المزيد.....

- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أنسي الحاج - خطأ قاهر:الأضاحي