|
كيف و لمن نكتب ؟
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 2786 - 2009 / 10 / 1 - 19:01
المحور:
التربية والتعليم والبحث العلمي
الكتابة عملية عقلانية تحتاج الى عالم خاص، و وضع غير طبيعي اثناء التفكير، و محاولة نقل نتاج تفاعل العقل و العقلية و الخلفية التي يحملها الكاتب، سوى كانت اجتماعية او ثقافية مع مستوى معرفته و معلوماته و المامه بالقضايا التي يريد الغور فيها، و مدى سعة علمه بمكامن و ثنايا الموضوع الذي يريد الخوض فيه، مع امكانياته اللغوية و ايمانه بما يكتب و رايه في نسبة الالتزام بالقواعد العامة لتلك اللغة، او اهتمامه بالاهم هو تحقيق الهدف المرسوم في فهم و افهام الاخر و مستوى استفادته من المكتوب بشكل عام . الكتابة بسيطة بذاتها و لكن الدوافع و الاهداف و المضامين و ما تتفرع منها تحمل الاراء و الاوجه المتعددة مهما تقيد الكاتب براي و موقف واحد ، و تكون صعبة التفسير، و يمكن ان نقول ان القاريء الجيد هو كاتب الموضوع الذي يقراه و ان كانت بقلم كاتب اخر، و كما هو حال مشاهد اللوحة التشكيلية الذي يفسرها حسب تعمقه و ذوقه و فهمه و خلفيته الفنية و الثقافية . و حتما تنبثق من الكتابة فروع ربما تكون متقاطعة مع بعضها، لان افرازات ما بعد التطبيق او الممارسة العملية لمكامن الكتابة و ان كانت مؤثرة على اداب و توجهات و اخلاقية القاريء، هو الهدف الاسمى و في النهاية تتلاقى و تكون متناسقة و متوازية و متساوية لبعض القراء، و متضاربة و متداخلة للاخرى و حسب الوعي و الثقافات العامة لهم . و هذا الجوهر الهام للكتابة و المفسَر من خضم تفكيري، الان في هذه اللحظة، وهو ايماني الان بما اكتب، و هواعتقادي بان الكتابة تفرض مسؤولية كبرى على الكتاب في اتباع الدقة في الكلام و طرح الاراء من حيث المعنى في اية كتابة كانت، و ليس بشرط الالتزام بالقواعد اللغوية الخاصة بكل لغة، و هذا مان باب التسهيل و السلاسة في الكتابة و التي من الواجب ان تقرا على انها شفوية سهلة الهضم، و لكن يجب ان تكون مترابطة و الهدف معلوم . و هنا يجب ان نطرح الكتابات الاختصاصية البحثية جانبا في هذا التحليل لاهمية معنى و مضمون و ما يتفرع من كل كلمة فيها بحد ذاتها . و من هنا يجب ان نوضح ما نراه في العديد من الكتابات الاعتيادية، يتجه الكاتب لتعقيد المسائل و ما يمكن ان نسميه التفلسف في التعبير في سبيل تحسين نظرة القراء اليه او ازدياد اعجابهم به و اظهار نفسه عالي الشان دون ان يفيد القاريء او المتلقي بشيء يُذكر . من لم يتذكر كتابات العالم الكبير الدكتور علي الوردي و سهولة فهمه و عمق تعبيره و مضامينه، و هو ما ادرك الكثير و اعلن الكثير بخصوص الكتابة الهادفة و ما نقش من ارائه في اذهاننا و خاصة ما اعلنه في كتابة الادب العربي الرفيع و انتقاداته الجميلة البناءة للكتاب و مضامين اللغة و خاصة العربية و نظرته الى قواعد اللغة العربية و تعقيداتها و المسائل الحياتية و ما يحتاجه الفرد و المجتمع في الكتابة ليس الضمة و الكسرة و الفتحة و تاء التانيث و في المقابل الفحولة في اظهار الضم الرجولي والانوثة في كسر النسوي المنعكس على اللغة العربية منذ نشوئها، بل الهدف السامي هو مقدار ما يفهمه القاريء و يستفيد منه و ما يدركه فقط . اذن المسؤولية الكبرى تقع على عاتق الباحثين المختصين و ما يلتزمون به من جوانب الكتابة كافة و هم من الندراء، و هم في طريقهم الى الانقراض لان الحياة الطبيعية في تقدم و تحتاج الى البساطة و السهولة و السلاسة في الفهم و التطبيق . اما ثقافة الكاتب و مستوى و عيه و خصوصيته فهي من المقومات الاساسية لكتابته، الكاتب المسؤول، هو ما يكتب و يعني بكل كلمة وهي نابعة من ايمانه بما يكتب، وهو الحامل للعقلية النخبوية و يؤمن بالتغيير المستمر ولديه (ارادة الاختلاف) و (ارادة التفكير ) و ( ارادة الحرية ) بعيد عن الوعاظ و النصائح و العقد الايديولوجية و الفلسفية المتوارثة . اي يمكن تقسيم و تصنيف الكتٌاب الى عدة انواع، منهم من تعلم و تكيف و استمر على الوعاظ و الهتاف في الكتابة و تقديس النص و ما يؤمن به بالاضافة الى المدح و الوصف و الثناء، و في المقابل الذم و القدح و التشهير و النميمة . اما النوع الاخر و هم من النخبة التي تنظر الى الاحداث و الوقائع و المواضيع من البعد او بقصر نظر واضح و يكتبون لاغراض عديدة خاصة كانت ام عامة. اما النخبة المتحملة للمسؤولية العامة فهي التي تهتم بالمواضيع بعيون و افكار حيادية و ارائهم و كتاباتهم موثوقة و هم يعيشون في خضم التفكير العقلاني المحايد و مهتمون بما يهم المجتمع ،و هم نشطاء و فعالون و هم اصحاب النتاجات الحقيقية و الابداعات و الابتكارات و يفسحون مجالا واسعا للقراء من اجل السباحة في فضاء تفكيرهم و عقلياتهم و هم يعون الواقع و يوعون الجيل الجديد في كل مرحلة . من اهم النقاط التي يمكن الاصرار عليها ، و هوكيفية سحب القاريء و اجباره في الغوص في المادة بتعابير و نصوص مكتوبة و اجباره طوعيا على عدم ترك ما يقراه حتى و ان لم يستفد من الكتابة الا بنسبة قليلة، و لابد ان يستفيد بنسبة معينة، و هذه هي حيوية الكتابة ، و هذا هو الدافع الرئيسي لربط الجهات، الموضوع و الكاتب و القاريء كالعلاقة بين الناس نفسها، و لكل كاتب طريقته و كما هو الحال لكل كتابة ابعادها، و ان كانت حية ستكون لها وسائل حركة ديناميكية مستمرة ، و هنا اقصد ما يكتب من البحوث و الدراسات العميقة و ليس المقالات و الاعمدة الصحفية اليومية، و الكتابات الولاٌدة تكون بعيدة عن الجمود او العقم، و تتفرع منها ولادات جديدةو هذه ما تدفع الى الاصلاح و التغيير الدائم في الثقافة و الواقع العام . و الكتابة الجيدة مهما كانت طبيعتها و شكلها و مضمونها ان كانت هادفة ستبقى حية و يتمتع بها القارئ و ان كانت قليلة العدد ، و ليس القراء جميعهم مهتمون بنوعية واحدة من الكتابة كما هو حال الاختصاصات الاخرى كالفن و الادب و الشعر و النقد ، و لكل نوع قراءه الخاص . و ما ارد ذكره اخيرا، ان الشرق الاوسط بشكل عام لا يضم نسبة مقنعة من القراء و لم تصبح القراءة و المطالعة ثقافة او كلتورا مترسخا ، و على الكاتب ان يطرح افكارا و مواقفا و اراءا تحرك الواقع و تتفاعل معه و ان كانت متداولة بين الناس و تحتاج الى تنقيح و تهذيب كي يستفاد منها الاجيال و هي تراها صافية متكاملة .
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الوحدة الوطنية ام محاربة الاختلافات
-
على الاقل قدر حقوق الاخرين بقدر منديلك
-
سبل اطمئنان المكونات الاساسية في العراق الجديد
-
الوضع العراقي الراهن بحاجة الى تعامل خاص
-
من هو رئيس الوزراء العراقي القادم
-
سبل تمدن المجتمع الشرق الاوسطي
-
تجسيد المجتمع المدني مرهون بالنظام السياسي التقدمي
-
الى متى يحتاج العراق لنظام ديموقراطي توافقي؟
-
المماطلة في طرح الحلول على طاولة المفاوضات في تركيا
-
الطبقة الكادحة و المناسبات العامة
-
ظروف العمالة الاجنبية في دول الشرق الاوسط
-
مستقبل اليسار الكوردستاني و مصيره
-
حدود تدخل السلطة في امور المجتمع العامة و الخاصة
-
المسيرة الانسانية بين الظروف الدينية و القومية المسيطرة على
...
-
العقيدة بين المعرفة و الايديولوجيا
-
عام من الازمة المالية العالمية و افرازاتها
-
المبررات النفسية و الفكرية الواهية للنظام الرسمالي
-
التغيير يبدا من النفس و يؤثر على المجتمع عموما
-
الانتخابات النيابية تجمع بعض القوى المناوئة لبعضها ايضا
-
موقف اليسار الملائم ازاء الازمة الايرانية الداخلية
المزيد.....
-
بوتين يأمر جيشه باستعادة كورسك وزيارة وشيكة لمبعوث ترامب لمو
...
-
واشنطن تدعو إلى موقفٍ موحد في مجلس الأمن بشأن إدانة التصعيد
...
-
وزراء عرب يبحثون إعادة إعمار غزة في قطر وحماس تشيد بـ-تراجع-
...
-
الجيش السوداني يتقدم في محور وسط الخرطوم
-
بعد أدلة استخباراتية.. تحقيقات في ألمانيا بشأن نشأة كورونا
-
اتصالات رفيعة المستوى بين أميركا وروسيا.. وويتكوف إلى موسكو
...
-
بالزي العسكري.. بوتين يزور كورسك ويوجه أمرا للجيش الروسي
-
مصادر: واشنطن شجعت أكراد سوريا على إبرام اتفاق مع دمشق
-
أميركا.. كلب يطلق النار من مسدس ويصيب صاحبه
-
الحكومة السورية تمنع قواتها من التوجه لمناطق سيطرة -قسد-
المزيد.....
-
اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با
...
/ علي أسعد وطفة
-
خطوات البحث العلمى
/ د/ سامح سعيد عبد العزيز
-
إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا
...
/ سوسن شاكر مجيد
-
بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل
/ مالك ابوعليا
-
التوثيق فى البحث العلمى
/ د/ سامح سعيد عبد العزيز
-
الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو
...
/ مالك ابوعليا
-
وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب
/ مالك ابوعليا
-
مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس
/ مالك ابوعليا
-
خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد
/ مالك ابوعليا
-
مدخل إلى الديدكتيك
/ محمد الفهري
المزيد.....
|