أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم

الصفحة الرئيسية - الارشيف الماركسي - كارل ماركس - العمل المغترب















المزيد.....


العمل المغترب


كارل ماركس
(Karl Marx)


الحوار المتمدن-العدد: 4030 - 2013 / 3 / 13 - 10:15
المحور: الارشيف الماركسي
    


"العمل المغترب"
لكارل ماركس
من المخطوطات الاقتصادية و الفلسفية ( 1844 )

...علينا الآن أن ندرك الصلة الضرورية بين الملكية الخاصة , الجشع , تقسيم العمل , رأس المال و الملكية العقارية , التبادل و المنافسة , قيمة و تخفيض قيمة الإنسان , الاحتكار , و المنافسة , الخ – الصلة بين نظام الاغتراب هذا بمجمله و نظام النقود .
يجب أن نتجنب تكرار خطأ الاقتصادي السياسي , الذي يقيم تفسيراته على بعض الظروف البدائية المتخيلة . إن ظرفا بدائيا كهذا لا يفسر أي شيء . إنه ببساطة يدفع السؤال إلى مسافة غامضة و رمادية . إنه يفترض كحقائق و أحداث ما يفترض به أن يستنتجه – أعني , العلاقات الضرورية بين شيئين , مثلا بين تقسيم العمل و التبادل . بالمثل يفسر علم اللاهوت أصل الشر بسقوط الإنسان – ذلك يعني أنه يفترض كحقيقة في شكل تاريخ ما عليه أن يفسره . سنبدأ من الواقع الاقتصادي اليوم . يصبح العامل أكثر فقرا كلما أنتج ثروة أكثر , كلما زاد إنتاجه قوة و اتساعا . يصبح العامل حتى سلعة أرخص كلما زاد ما ينتجه من السلع . إن انخفاض قيمة العالم الإنساني تزداد في تناسب مباشر مع زيادة عالم الأشياء . لا ينتج العمل السلع فقط , إنه أيضا ينتج نفسه و العمال أنفسهم كسلعة و هو يفعل ذلك بنفس النسبة التي ينتج بها السلع عموما .
تعني الحقيقة ببساطة أن الشيء الذي ينتجه العمل , نتاجه , يقف معاديا له كشيء غريب , كقوة مستقلة عن المنتج . إن نتاج العمل هو العمل المتضمن و الذي أصبح مجسدا في شيء , إنه تشييء للعمل . إن تحقق العمل هو تشييئه . في مجال الاقتصاد السياسي , يظهر تحقق العمل هذا كفقدان لواقعية العامل , التشييء كفقدان للشيء و العبودية له , الاستيلاء كانتماء , كاغتراب .
هكذا يظهر تحقق العمل إلى هذه الدرجة كضياع للواقع لدرجة أن العامل يفقد واقعيته لدرجة الموت من الجوع . إلى هذه الدرجة يبدو التشيؤ كفقدان للشيء بحيث أن العامل تنتزع منه الأشياء التي يحتاجها بشدة ليس فقط ليعيش بل أيضا ليعمل . يصبح العمل نفسه شيئا يمكن الحصول عليه فقط من خلال جهد شديد و مع انقطاعات تشنجية . إلى هذه الدرجة يبدو استملاك الشيء كاغتراب بحيث أنه كلما زاد إنتاج العامل من الأشياء كلما قلت الأشياء التي يملكها و كلما زاد وقوعه تحت سيطرة إنتاجه , سيطرة رأس المال .
كل هذه النتائج مشمولة في هذه الخاصية , بحيث أن العمال يرتبطون بمنتج العمل كما لو أنها شيء غريب عنهم . لأنه من الواضح وفقا لهذه المقدمة أنه كلما زاد العامل من اجتهاده في عمله كلما زادت قوة العالم المغترب المتشيئ ( الموضوعي ) الذي يخلقه , ضده هو , و كلما أصبح هو و عالمه الداخلي أكثر فقرا , و كلما ضعف انتسابهم إليه . إنه نفس الشيء في الدين . كلما اندس الإنسان أكثر في الإله كلما قل حفاظه داخل نفسه . يضع العامل حياته في الشيء , لكنه لم تعد تنتمي إليه بعد اليوم , بل إلى ذلك الشيء . لذلك كلما كان نشاطه أكبر كلما كانت الأشياء التي يملكها أقل . ما يشكل نتاجا لعمله , فإنه ليس هو . لذلك كلما كان هذا الإنتاج أكبر , كلما كان هو نفسه أقل . يعني تجسيد العامل في إنتاجه ليس فقط أن عمله قد أصبح شيئا , وجودا خارجيا , بل أنه يوجد خارجه , بشكل مستقل عنه و مغترب عنه , و أشياء تواجهه كقوة مستقلة , أن الحياة التي منحها للأشياء تواجهه كعدو و كشيء مغترب .
لنلق الآن نظرة أقرب على التشيؤ , على إنتاج العامل , و الاغتراب , فقدان الشيء , فقدان إنتاجه , الذي يتضمنه . لا يمكن للعامل أن يخلق أي شيء من دون الطبيعة , دون العالم الخارجي الملموس . إنها المادة التي بواسطتها يحقق العمل نفسه , التي بها يكون فاعلا و التي منها , و من خلال وسائلها , ينتج .
لكن كما توفر الطبيعة للعمل وسائل الحياة , بمعنى أن العمل لا يمكنه أن يعيش دون أشياء يمكن أن يمارس نفسه من خلالها , فهي لذلك أيضا توفر وسائل الحياة بالمعنى الأضيق , أي وسائل الوجود الفيزيائي ( أو المادي ) للعامل . كلما زاد استملاك العامل للعالم الخارجي , الطبيعة الملموسة , من خلال عمله , كلما زاد حرمانه لنفسه من وسائل الحياة من وجهين : أولا , يصبح العالم الخارجي الملموس شيئا ينتمي إلى عمله بشكل أقل فأقل , وسيلة حياة لعمله , و ثانيا , كلما أصبح أقل فأقل وسيلة للحياة بالمعنى المباشر , أي وسيلة للوجود المادي للعامل .
بهذين الوجهين , إذا , يصبح العامل عبدا لشيئه , أولا في أنه يتلقى شيئ العمل , أي أنه يتلقى العمل , و ثانيا , في أنه يتلقى وسائل وجوده . أولا عندها بحيث يمكنه أن يوجد كعامل , و ثانيا كذات مادية ( أو كموضوع مادي أو فيزيائي ) . ذروة هذه العبودية هي أنه كعامل فقط يمكنه أن يحافظ على وجوده كذات مادية و أنه فقط كذات مادية يكون عاملا . ( يعبر عن اغتراب الإنسان في شيئه وفقا لقوانين الاقتصاد السياسي بالطريقة التالية : كلما أنتج العامل أكثر , كلما قل ما يملكه ليستهلك , كلما زادت القيمة التي يخلقها , أصبح فاقدا أكثر للقيمة , كلما زاد تجسد إنتاجه كلما زاد العامل تشوها , كلما زاد تحضر شيئه ( أي إنتاجه – المترجم ) كلما زادت بربريته , كلما زادت قوة العمل , كلما زاد عجز العامل , كلما أصبح العمل أكثر ذكاءا , كما زاد العامل غباءا و أصبح أكثر عبدا للطبيعة ) . يدخل الاقتصاد السياسي الاغتراب في طبيعة العمل بتجاهل العلاقة المباشرة بين العامل ( العمل ) و الإنتاج . من الصحيح أن العمل ينتج المعجزات ( أو الأعاجيب ) للأغنياء , لكنه ينتج الحرمان للعامل . إنه ينتج القصور , لكن فقط الأكواخ للعامل . إنه ينتج الجمال , لكنه ينتج البشاعة فقط للعامل . إنه يستبدل العمال بالآلات , لكنه يلقي ببعض العمال خلفا نحو أشكال بربرية من العمل و يحول آخرين إلى آلات . إنه يخلق الذكاء لكنه يخلق الحماقة و القماءة للعامل . إن العلاقة المباشرة للعمل بإنتاجه هي علاقة العامل بأشياء إنتاجه . إن علاقة الإنسان الثري بأشياء الإنتاج و بالإنتاج نفسه هو فقط نتيجة لهذه العلاقة الأولى , و تؤكدها . سندرس هذا الجانب الثاني فيما بعد .
لذلك عندما نسأل ما هي العلاقة الأساسية للعمل , فإننا نتساءل عن علاقة العامل بالإنتاج . لقد اعتبرنا الاغتراب حتى الآن , اغتراب العامل , فقط من جانب واحد – أي علاقته بمنتجات عمله . لكن الاغتراب يعبر عن نفسه ليس فقط في النتيجة , بل أيضا في فعل الإنتاج , داخل فعالية الإنتاج نفسها . كيف يمكن لنتاج نشاط العامل أن يواجهه كشيء غريب إذا لم يكن في الواقع يبعد نفسه أثناء فعل الإنتاج عن نفسه ؟ فالإنتاج في نهاية المطاف هو ببساطة خلاصة أو مجمل الفعالية , و الإنتاج . لذا إذا كان نتاج العمل هو الاغتراب , يجب أن يكون الإنتاج نفسه اغترابا فعالا , هو اغتراب الفعالية , فعالية الاغتراب . يلخص اغتراب الشيء عن العمل الاغتراب فقط , الاغتراب في فعالية العمل نفسها .
ما الذي يشكل اغتراب العمل ؟ أولا واقع أن العمل شيء خارجي بالنسبة للعامل – أي لا ينتمي إلى وجوده الضروري , و أنه لذلك لا يقوي أو يثبت نفسه في عمله , بل إنه ينكر ذاته , يشعر بالبؤس و أنه غير سعيد , لا يطور طاقة عقلية و جسدية حرة , بل يميت جسده و يدمر عقله . بالتالي يشعر العامل بنفسه فقط عندما لا يعمل , و عندما يعمل لا يشعر بنفسه . إنه في منزله عندما لا يعمل , و ليس في منزله عندما يعمل . لذلك فإن عمله غير طوعي بل قسري , إنه عمل سخرة . إنه لذلك ليس إشباعا لحاجة بل مجرد وسيلة لتلبية الحاجات خارجه . إن صفته المغتربة تظهر بوضوح في واقع أنه ما أن تزول الإكراهات المادية أو غيرها حتى يتجنبه كالطاعون . العمل الخارجي , العمل الذي يغترب فيه الإنسان عن نفسه , هو عمل تضحية بالنفس , إماتة الجسد . أخيرا , تتجلى الصفة الخارجية للعمل عن العامل في حقيقة أنه لا ينتمي إليه بل إلى شخص آخر , و أنه خلاله لا ينتمي إلى نفسه بل إلى شخص آخر .
تماما كما في الدين تعزل الفعالية العفوية للمخيلة الإنسانية , الدماغ البشري , و القلب البشري , نفسها عن الفرد و تعاود الظهور كفعالية مغتربة للإله أو الشيطان , بحيث أن نشاط العامل ليس نشاطه العفوي . إنه ينتمي للآخرين , إنه فقدان لذاته .
النتيجة هو أن الإنسان ( العامل ) يشعر أنه يتصرف بحرية فقط في أعماله أو وظائفه الحيوانية – الأكل , الشراب , و التناسل , أو في أقصى حد في منزله و زينته – بينما في وظائفه الإنسانية فإنه ليس أكثر من حيوان . صحيح أن الأكل و الشراب و التناسل , الخ , هي أيضا وظائف إنسانية أصيلة . لكن عندما يجري تجريدها عن بقية جوانب النشاط الإنساني و تحول إلى أهداف نهائية و حصرية , عندها تكون حيوانية .
لقد اعتبرنا فعل اغتراب النشاط الإنساني العملي , العمل , من وجهين : ( 1 ) علاقة العامل مع نتاج العمل كشيء مغترب ذا سلطة عليه . العلاقة هي في نفس الوقت علاقة مع العالم الخارجي الملموس , مع أشياء الطبيعة , كعالم غريب يواجهه , في معارضة عدائية . ( 2 ) علاقة العمل مع فعل الإنتاج داخل العمل . هذه العلاقة هي علاقة العامل مع نشاطه الخاص كشيء مغترب و لا ينتمي إليه , النشاط كسلبية أو لا فعالية , قوة على أنها عجز , التناسل على أنه خصاء , طاقة العامل الخاصة الجسدية و الذهنية , حياته الشخصية – لأن الحياة ليست سوى النشاط أو الفاعلية ؟ - كنشاط موجه ضده , مستقل عنه و لا ينتمي إليه . الاغتراب الذاتي , مقارنة مع الاغتراب المشيء المذكور أعلاه .
علينا الآن أن نشتق ميزة ثالثة للعمل المغترب من الميزتين اللتين درسناهما الآن .
الإنسان هو كائن ينتمي إلى جنس ( أو نوع ) , ليس فقط لأنه يجعل من النوع عمليا و نظريا – سواء جنسه أو جنس بقية الأشياء – شيئا له , بل أيضا – و هذه ببساطة طريقة أخرى لقول نفس الشيء – أنه ينظر إلى نفسه كجنس حي راهن , لأنه ينظر إلى نفسه ككائن كوني و بالتالي فهو حر .
حياة الأجناس , سواء للإنسان أو للحيوانات , تكمن ماديا في واقع أن الإنسان , مثل الحيوانات , يعيش على الطبيعة غير العضوية , و لأن الإنسان أكثر كونية من الحيوانات , فكذلك أيضا مساحة الطبيعة غير العضوية التي يعيش عليها أكثر كونية . تماما كما تشكل النباتات , الحيوانات , الحجارة , الهواء , الضوء , الخ , نظريا جزءا من الوعي الإنساني , جزئيا كمواضيع للعلم و جزئيا كمواضيع للفن – طبيعته الروحية غير العضوية الخاصة , وسائله الروحية للحياة , التي عليه أن يعدها أولا قبل أن يستمتع بها و يهضمها – لذلك أيضا فإنها تشكل في الممارسة جزءا من الحياة الإنسانية و النشاط الإنساني . بالمعنى المادي , يعيش الإنسان فقط من هذه المنتجات الطبيعية , سواء في شكل الغذاء , التدفئة , اللباس , المأوى , الخ . تظهر كونية الإنسان نفسها في الممارسة في أن هذه الكونية تجعل من مجمل الطبيعة جسده غير العضوي , ( 1 ) كوسيلة مباشرة للحياة و ( 2 ) كمادة , شيء , و أداة لفعالية حياته . إن الطبيعة هي جسد الإنسان غير العضوي – مما يعني القول الطبيعة بقدر ما تكون غير هذا الجسد الإنساني . يعيش الإنسان من الطبيعة – ذلك يعني أن الطبيعة هي جسده – و أن عليه أن يحافظ على حوار مستمر معها كي لا يموت . القول بأن الحياة الفيزيائية و العقلية للإنسان ترتبط بالطبيعة يعني ببساطة أن الطبيعة ترتبط بنفسها , لأن الإنسان هو جزء من الطبيعة .
العمل المغترب ليس فقط ( 1 ) يؤدي لاغتراب الطبيعة عن الإنسان و ( 2 ) اغتراب الإنسان عن نفسه , عن وظيفته الخاصة , عن نشاطه الخاص , و بسبب هذا , فإنه يؤدي لاغتراب الإنسان عن نوعه أو عن جنسه . إنه يحول حياة جنسه إلى وسيلة لحياة الفرد . أولا إنه يؤدي لاغتراب حياة جنسه و حياة الفرد , و ثانيا , إنه يحول هذا الأخيرة , في شكلها المجرد , إلى هدف للأولى , أيضا في شكلها المجرد و المغترب .
لأن العمل أولا , نشاط الحياة , الحياة المنتجة نفسها , تبدو للإنسان فقط كوسيلة لإشباع حاجة , حاجة الحفاظ على الوجود المادي . لكن الحياة المنتجة هي حياة النوع نفسه . إنها الحياة و هي تنتج الحياة . إن مجمل خاصية النوع , نوع الميزة أو الخاصية , تكمن في طبيعة نشاط حياتها , و النشاط الواعي الحر الذي يشكل خاصية النوع عند الإنسان . تظهر الحياة فقط كوسيلة للحياة .
يوجد الحيوان مباشرة مع نشاط حياته . إنه لا يتمايز عن هذا النشاط , إنه ذلك النشاط بالذات . يجعل الإنسان من نشاط حياته ذاته موضوع إرادته و وعيه . لديه نشاط حياة واعي . ليس الموضوع حتميا عندما يندمج ( يتوحد ) مباشرة . يميز نشاط الحياة الواعي الإنسان مباشرة عن فعالية حياة الحيوانات . فقط نتيجة هذا فهو كائن ينتمي للنوع . أو بالأحرى أنه كائن واع – أي أن حياته الخاصة هي موضوع بالنسبة له , فقط لأنه كائن ينتمي للنوع . فقط بسبب ذلك فإن نشاطه يكون حرا . يقلب العمل المغترب العلاقة بحيث أن الإنسان يجعل , فقط لأنه كائن واع , من نشاط حياته , من وجوده , مجرد وسيلة لوجوده .
إن الخلق العملي للعالم الموضوعي , ترتيب الطبيعة غير العضوية , هو إثبات على أن الإنسان كائن ينتمي للنوع أو الجنس واع - أي كائن يعامل الأجناس على أنها وجوده الضروري أو نفسها ككائنات جنسية أو نوعية . من الصحيح أن الحيوانات تنتج أيضا . إنهم يبنون أعشاشا و منازلا , مثل النحل , القندس , النمل , الخ . لكنهم ينتجون فقط حاجاتهم الخاصة المباشرة أو الآنية أو حاجات صغارهم , إنهم ينتجون فقط عندما تدفعهم حاجاتهم المادية المباشرة لفعل ذلك , فيم ينتج الإنسان حتى عندما يكون متحررا من الحاجة المادية و هو حقيقة ينتج فقط عندما يكون متحررا من حاجة كهذه , إنهم ينتجون أنفسهم فقط , فيم يعيد الإنسان إنتاج الطبيعة كلها , تعود منتجاتهم فورا لأجسامهم المادية , حيث يواجه الإنسان نتاجه الخاص بحرية . تنتج الحيوانات فقط وفقا لمعايير و حاجات الأنواع التي تنتمي إليها , فيم يستطيع الإنسان أن ينتج وفقا لمعايير كل نوع و أن يطبق معياره المتأصل على كل شيء , بالتالي ينتج الإنسان أيضا بالتوافق مع قوانين الجمال .
لذلك ففي تشكيله لأهدافه يثبت الإنسان أنه كائن ينتسب للنوع أو الجنس . إنتاج كهذا يصبح حياة نوعه أو جنسه الفعالة . من خلالها تبدو الطبيعة على أنها عمله و واقعه . لذلك فإن موضوع العمل , هو تشييئ حياة نوع الإنسان : لأن الإنسان ينتج نفسه ليس فقط عقليا أو فكريا , في وعيه , بل بشكل فعال و حقيقي , و لذلك يمكنه أن يرى نفسه في عالم خلقه هو نفسه . في إبعاد موضوع إنتاجه عن الإنسان , ينتزع العمل المغترب لذلك منه حياته المرتبطة بالنوع أو الجنس , موضوعيته الحقيقية المرتبطة بالنوع , و تحول أفضليته على الحيوانات إلى عائق بحيث أن جسده غير العضوي , الطبيعة , قد أخذ منه .
بنفس الطريقة يختزل العمل المغترب النشاط العفوي و الحر إلى وسيلة , إنه يجعل حياة نوع الإنسان وسيلة لوجوده المادي .
الوعي , الذي يأخذه الإنسان من جنسه , يحول إلى اغتراب بحيث أن حياة جنسه تصبح وسيلة له . ( 3 ) لذلك يحول العمل المغترب حياة نوع الإنسان – كل من الطبيعة و قوة جنسه الفكرية – إلى كائن مغترب عنه و وسيلة لوجوده الفردي . إنه يؤدي لاغتراب الإنسان عن جسده , عن الطبيعة على أنها توجد خارجه , عن جوهره الروحي , عن وجوده الإنساني . ( 4 ) نتيجة مباشرة لاغتراب الإنسان عن نتاج عمله , عن نشاط حياته , هو اغتراب الإنسان عن الإنسان . عندما يواجه الإنسان نفسه فإنه يواجه أيضا البشر الآخرين . ما هو صحيح في علاقة الإنسان بعمله , بنتاج عمله , بنفسه , هو صحيح أيضا في علاقته مع البشر الآخرين , مع عمل و موضوع عمل البشر الآخرين .
في العموم يعني افتراض أن الإنسان مغترب عن وجود جنسه أو نوعه أن كل إنسان مغترب عن الآخرين و أن الجميع مغتربون عن جوهر الإنسان . اغتراب الإنسان , مثل كل علاقات الإنسان بنفسه , يتحقق و يعبر عنه فقط في علاقة الإنسان مع البشر الآخرين . في علاقة العمل المغترب , لذلك يعتبر كل إنسان الآخر بما يتماشى مع المعيار و الوضع التي يجد الإنسان نفسه فيه كعامل .
بدأنا من حقيقة اقتصادية , اغتراب العامل و إنتاجه . إننا نعطي هذه الحقيقة شكلا مفاهيميا : العمل المغترب المستلب . لقد حللنا هذا المفهوم , و بقيامنا بذلك حللنا ببساطة الحقيقة الاقتصادية .
دعنا الآن ننتقل إلى رؤية كيف يجب على مفهوم العمل المغترب , المستلب , أن يعبر عن نفسه و يعرضها في الواقع . إذا كان إنتاج العمل مغترب عني , و يواجهني كقوة غريبة , فإلى من ينتمي عندها ؟ إلى كائن آخر سواي . من هو هذا الكائن ؟ الآلهة ؟ من الصحيح أنه في الأزمنة القديمة كان أغلب الإنتاج – مثل بناء المعابد , الخ , في مصر , الهند و المكسيك – كان في خدمة الآلهة , تماما كما كان الإنتاج ينتمي للآلهة . لكن الآلهة لم يكونوا وحدهم أبدا سادة العمل . نفس الشيء صحيح عن الطبيعة . و أي تناقض سيكون لو أن الإنسان أخضع الطبيعة أكثر من خلال عمله و أصبحت المعجزات الإلهية شيئا غير ضروري بشكل أكبر بسبب معجزات الصناعة , كلما كان مكرها أكثر على التخلي عن السرور أو الإنتاج و الاستمتاع بمنتجه بسبب الدفاع عن هذه القوى .
الكائن المغترب الذي ينتمي إليه العمل و نتاج العمل , الذي يجري العمل الخدماتي له , و الذي في سبيل متعته يجري خلق نتاج العمل , لا يمكن أن يكون غير الإنسان نفسه . إذا لم يكن نتاج العمل ينتمي إلى العامل , و إذا واجهه كقوة غريبة , فإن هذا ممكن فقط لأنه ينتمي إلى إنسان آخر غير العامل . إذا كان نشاطه تعذيبا له , فإنه يجب أن يوفر السعادة و المتعة لشخص آخر . ليست الآلهة , ليست الطبيعة , بل الإنسان نفسه فقط يمكن أن يكون هذه القوة الغريبة فوق البشر . انظر إلى العرض السابق عن أن علاقة الإنسان مع نفسه تصبح موضوعية و حقيقية بالنسبة له فقط من خلال علاقته بالبشر الآخرين . لذلك إذا اعتبر نتاج عمله , عمله المتشيء , كشيء غريب , معادي و قوي , شيئا قويا و مستقلا عنه , عندها تكون علاقته مع ذلك الشيء بحيث أن شخصا آخر – غريب , معادي و قوي و مستقل عنه – هو سيده . إذا ارتبط بنشاطه الخاص كنشاط غير حر , فإنه يرتبط به كنشاط في خدمة , تحت حكم , إكراه , و نير شخص آخر .
كل اغتراب ذاتي للإنسان عن نفسه و عن الطبيعة يتظاهر في العلاقة التي يقيمها بين بقية البشر مع نفسه و مع الطبيعة . لذلك فإن الاغتراب الذاتي الديني يتظاهر بالضرورة في العلاقة بين الشخص العادي و الكاهن , أو , بما أننا نتعامل هنا مع عالم روحاني , بين الإنسان العادي و الوسيط ( الروحاني – المترجم ) , الخ . في العالم الواقعي , العملي , يمكن للاغتراب الذاتي أن يكشف عن نفسه فقط في العلاقة العملية , الواقعية , مع بقية البشر . الوسط التي يتقدم فيها الاغتراب هو نفسه وسط الممارسة . لذلك من خلال العمل المغترب لا ينتج الإنسان فقط علاقته مع الشيء و مع فعل الإنتاج كقوى غريبة و معادية , إنه ينتج أيضا العلاقة التي يقف فيها بقية البشر تجاه إنتاجه و منتجه , و العلاقة التي يقف فيها هو تجاه هؤلاء البشر الآخرين . تماما كما يبدع إنتاجه الخاص كفقدان للواقع , كعقاب , و منتجه الخاص كخسارة , كمنتج لا ينتسب إليه , لذلك فإنه يخلق هيمنة غير المنتج على الإنتاج و نتاجه . كما يغترب نشاطه عنه هو , لذلك فإنه يعطي الغريب و فعاليته ما لا ينتمي إلى هذا الغريب .
حتى الآن درسنا العلاقة فقط من جانب العامل . الآن , سندرسها من جانب غير العامل .
هكذا من خلال العمل المغترب , يخلق العامل علاقة رجل آخر , الذي هو غريب عن العمل و يقف خارجه , مع ذلك العمل . علاقة العامل مع العمل تخلق علاقة الرأسمالي – أو أي كلمة أخرى يختارها المرء لسيد العمل – مع ذلك العمل .
لذلك فالملكية الخاصة هي نتاج , نتيجة , النتيجة الضرورية للعمل المغترب , للعلاقة الخارجية للعامل مع الطبيعة و مع نفسه . هكذا تشتق الملكية الخاصة من تحليل فكرة العمل المغترب – أي الإنسان المغترب , العمل المغترب , الحياة المغتربة , الإنسان المغترب . من الصحيح أنا نأخذ فكرة العمل المغترب ( الحياة المغتربة ) من الاقتصاد السياسي كنتيجة لحركة الملكية الخاصة . لكن من الواضح من تحليل هذه الفكرة أنه , رغم أن الملكية الخاصة تظهر كأساس و سبب للعمل المغترب , فإنها في الحقيقة نتيجته , تماما كما أن الآلهة لم يكونوا أصلا سبب بل نتيجة التشوش في عقول البشر . أخيرا , لكن هذه العلاقة تصبح تبادلية . فقط عندما يبلغ تطور الملكية الخاصة نقطة ذروته النهائية , الذي هو سرها , تنبثق من جديد , أي , نتاج تحقق هذا الاغتراب .

( تتوقف المخطوطة هنا )

ترجمة : مازن كم الماز
نقلا عن prole.info



#كارل_ماركس (هاشتاغ)       Karl_Marx#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (1)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نقد فلسفة الحقوق عند هيغل
- بؤس الفلسفة ...... (6)...و الأخيرة
- بؤس الفلسفة ...... (5)
- بؤس الفلسفة ...... (4)
- بؤس الفلسفة ...... (3)
- بؤس الفلسفة ...... (2)
- بؤس الفلسفة ...... (1)
- قوى الإنتاج وعلاقات الإنتاج الاجتماعية
- اغتراب العامل تحت الرأسماليّة
- الطبيعة والتاريخ
- سلطة المال وزيف القيم
- الفلسفة كإيديولوجيا
- الفصل الأول من الأيديولوجيا الألمانية
- من ماركس إلى ج. ب. شفايتزر
- حول المسألة اليهودية.
- ‎ماركس إلى لورا لافارغ في لندن‏
- ثورة «السباهية» في الهند
- نصوص حول أشكال الإنتاج ما قبل الرأسمالية
- من ماركس إلى ب. ف. انينكوف
- كارل ماركس: حول الثورة الدائمة


المزيد.....




- تسلسل زمني.. محطات الصراع بين الدولة التركية وحزب العمال الك ...
- دعوة أوجلان لحل -الكردستاني-.. ما الجديد؟
- كيف جاءت ردود الفعل في العراق على دعوة أوجلان لحل حزب العمال ...
- المحافظون يتصدرون واليسار يتراجع.. مشهد سياسي جديد في ألماني ...
- استمرار الاشتباكات بين حزب العمال الكردستاني والجيش التركي ر ...
- ترحيب واسع بدعوة أوجلان لإلقاء السلاح
- أوجلان يغير مجرى التاريخ.. هل تنتهي صفحة الصراع الكردي؟
- ضجة خطاب عبدالله أوجلان وما دعا فيه اتباعه بحزب PKK يثير تفا ...
- العراق يرحب رسميا بقرار -أوجلان- حل حزبه
- من هو عبد الله أوجلان زعيم حزب العمال الكردستاني؟


المزيد.....

- وثائق من الارشيف الشيوعى الأممى - الحركة الشيوعية في بلجيكا- ... / عبدالرؤوف بطيخ
- الثقافة والاشتراكية / ليون تروتسكي
- مقدمة في -المخطوطات الرياضية- لكارل ماركس / حسين علوان حسين
- العصبوية والوسطية والأممية الرابعة / ليون تروتسكي
- تحليل كلارا زيتكن للفاشية (نص الخطاب)* / رشيد غويلب
- مَفْهُومُ الصِراعِ فِي الفسلفة المارْكِسِيَّةِ: إِضاءَةِ نَق ... / علي أسعد وطفة
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة 5 :ماركس في عيون لينين / عبدالرحيم قروي
- علم الاجتماع الماركسي: من المادية الجدلية إلى المادية التاري ... / علي أسعد وطفة
- إجتماع تأبيني عمالي في الولايات المتحدة حدادًا على كارل مارك ... / دلير زنكنة
- عاشت غرّة ماي / جوزيف ستالين


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الارشيف الماركسي - كارل ماركس - العمل المغترب