قمة الكويت(3) .. حقوق الإنسان .. والاقتصاد

سعد هجرس

الحوار المتمدن-العدد: 2541 - 2009 / 1 / 29 - 10:01
المحور: حقوق الانسان
    

من بين الأوراق والدراسات والمقترحات الكثيرة التى تم تداولها فى المنتدى الاقتصادى والاجتماعى الذى سبق انعقاد قمة القادة العرب فى الكويت، كانت هناك ورقة ظن الكثيرون أنها ضلت طريقها إلى هذه "القمة الأهلية"، أو أنها جاءت عن طريق الخطأ، لأنها لم تكن تتحدث عن شأن من شئون الاقتصاد كما لم تكن تتضمن اقتراحاً بإقامة مشروع من مشروعات البنية التحتية أو برامج الزراعة أو الصناعة أو التجارة.
ومع ذلك فإنها فى اعتقادى كانت من أهم الأوراق التى طرحت فى هذه القمة، وأنها كانت وثيقة الصلة بموضوعها باعتبارها قمة اقتصادية واجتماعية وتنموية.
الورقة – باختصار – قدمها عدد من المفكرين والنشطاء العرب المدافعين عن حقوق الإنسان، فى مقدمتهم الدكتور عبدالحسين شعبان.
ولن يكون مفاجئاً إذا قال قائل باستنكار: وما هو موقع حقوق الإنسان من الإعراب فى مثل هذه المناسبة؟!
السؤال مشروع، ومتوقع، فى عالم عربى ظل ينظر، على مدار عقود وقرون، إلى قضايا حقوق الإنسان باعتبارها نوعاً من الترف، وينظر إلى المدافعين عنها بارتياب يجب الحذر من الاقتراب منهم لأنهم – على الأرجح – ينفذون أجندات "أجنبية" تتناقض مع "خصوصيتنا" الثقافية.
ويتحمل بعض نشطاء منظمات حقوق الإنسان جزءاً من المسئولية عن تفشى هذه الشبهات الخاطئة والظالمة لأسباب ليس هذا مجال الخوض فيها، لكن أحدها هو التركيز على حقوق "فردية" بعينها لا تحظى فى بلادنا بالحاح يعطيها مثل هذه الأولوية المتقدمة، وإهمال الحقوق "الجماعية" التى تمثل لملايين البشر قضية حياة أو موت.
وهذا ينقلنا مباشرة إلى صلب موضوعنا، ألا وهو العلاقة بين حقوق الإنسان ومؤتمر مكرس للاقتصاد والتنمية. فالاقتصاد ليس مجرد رءوس أموال واستثمارات محلية أو أجنبية، وليس مجرد "بيزنس"، وإنما هو نشاط "إنسانى" يقوم به "بشر"، يزدهر عائد عملهم بقدر ما تكون علاقات العمل بينهم سوية أو فى أسوأ الأحوال أقل قسوة وخشونة وظلما واستغلالاً.
وعندما نتحدث – مثلاً – عن العمل الاقتصادى العربى المشترك، والسعى إلى تعظيم التجارة العربية البينية وغيرها من صور التعاون العربى، فإن ذلك لا يمكن أن يحدث بمعزل عن توفير حقوق أساسية لـ "الناس" الذين هم عصب أى اقتصاد، وليست حرية الانتقال إلا أحداها. فمن غير المعقول الحديث عن حرية انتقال رءوس الأموال والسلع والخدمات بينما البشر ممنوعون من السفر، أو تحول بينهم وبينه عقبات كثيرة وسخيفة وعبثية.
ومن المفارقات المدهشة أن المواطن العربى يستطيع أن يجوب أنحاء أكثر من 25 دولة أوروبية بتأشيرة دخول واحدة ، هى تأشيرة شينجن، بينما يكاد أن يكون حصوله على تأشيرة دولة عربية واحدة أشبه بالحصول على تصريح لدخول الجنة.
والمحظوظ الذى يحصل على هذه التأشيرة يجب ان يسلم جواز سفره إلى "كفيل" لا يستطيع أن يغادر البلد العربى الذى يعمل به دون إذنه، كما لو أننا عدنا إلى العصور الوسطى حيث لا وجود لـ "مواطنين وإنما مجرد "عبيد" أو "أقنان".
وبعد ذلك نندهش ونتساءل عن أسباب تدنى العلاقات البينية العربية – العربية!
لهذا .. أعتقد أن مبادرة هذه الكوكبة من نشطاء حقوق الإنسان بإدراج هذه الأفكار فى قمة الكويت يمثل أحد أهم إيجابياتها.
وللحديث بقية.

#سعد_هجرس (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات