|
كبسولة النجاة – من الخيال العلمي
حسين علي غالب
الحوار المتمدن-العدد: 2368 - 2008 / 8 / 9 - 05:48
المحور:
الادب والفن
الجزء الأول – بداية الفاجعة أرمي حقيبتي المدرسية على الأرض و أتقدم نحو الثلاجة لكي أخذ منها أي شيء أكله فلقد كان يومي المدرسي مرهق للغاية . ينظر أبي إلي و يتقدم نحوي بكرسيه المتحرك و معه صديقه الدكتور ياسر . أقف في مكاني بالقرب من الثلاجة فأبي يقترب نحوي ببطء شديد . يصل أبي إلي و يقول لي : متى عدت يا بني فلم أشعر بوجودك ..؟؟ أحرك رأسي كدلالات على عدم اهتمامي و أقول لأبي ردا على كلامه : منذ قليل عدت من المدرسة و كم كنت أتمنى أن أجدك يا أبي قد أعددت طعاما لي . ترتسم علامات الحزن على وجه أبي بعدما سمع كلامي و توجهت أنا بعد ثواني معدودات إلى غرفتي . كم كنت أتمنى أن أجد طعاما أكله كوجبة غداء و أنا أصبح مثل بقية طلاب المدرسة حينما يعودون إلى بيوتهم يجدون أمهاتهم و أباتهم قد أعدوا وجبة الغداء..؟؟ أها من أبي و أمي فهم منفصلان و أبي منذ أن جاءت إلى هذه الدنيا وهو على الكرسي المتحرك و يا ليتني أعرف سبب أنفصلهم ..!! أسمع صوت أبي وهو يصرخ بأعلى صوته قائلا : لقد اقتربت الفاجعة . أخرج من غرفتي التي دخلتها من عدة دقائق و أتوجه نحو أبي و صديقه الدكتور سامي و إذ أجدهم يبكيان كما يبكي الأطفال و تكاد أعينهم تخرج من رأسيهما من شدة متابعتهم لشاشة التلفاز . التفت إلى شاشة التلفاز لأجد أن هناك خبر عاجل على أحد القنوات الإخبارية الفضائية عن حدوث زلزال فضيع في الصين فقالت لأبي و أنا أشعر بالتعجب : أبي لماذا أنت تبكي و يشاركك بالبكاء دكتور سامي ...؟؟ فيرد الدكتور سامي على سؤالي قائلا : لأن الفاجعة قد اقتربت . أرد على الدكتور سامي قائلا : أية فاجعة نحن لسنا في الصين لكي يصيبنا الزلزال ..!! فيرد أبي قائلا : نعم لقد اقتربت الفاجعة و قد حان وقت استخدام الكبسولة . وجه الدكتور سامي أنظاره باتجاهي و قال : و قد حان وقت تحملي للمسؤولية . مسح أبي دموعه بيديه بينما توقف الدكتور سامي عن البكاء و التفت أبي للدكتور سامي و قال له : أن أبني أمانة بعنقك . حرك الدكتور سامي رأسه بعدما انتهى أبي من كلامه و خرج من البيت من دون أن ينطق بأي كلمة أو يصدر منه أي تصرف. كانت حالة الحيرة و الاستغراب تتملكني فشخصية أبي هادئة للغاية و قليلة الكلام و لكن في هذه الفترة القصيرة تغير كل شيء ..!! لم أستطع التحمل فقالت لأبي : أبي أرجوك أشرح لي ما يحدث ..؟؟ فيرد أبي قائلا : نعم الآن سوف تعرف حقائق كنت أخفيها عنك و منها سبب انفصالي عن أمك . شعرت بالارتياح الشديد بعدما سمعت الجواب الشافي من أبي فقالت له : أخيرا سوف أعرف . فحرك أبي رأسه و قال لي : أجلس و أستمع ألي . فجلست على الفور على الأريكة و بدأ أبي حديثه و الذي أصبح أخر حديثا لي معه ...؟؟
الجزء الثاني – الحقائق المدوية تنفس أبي نفسا عميقا و قال : عندما كنت شابا درست علوم الطبيعة و كنت نابغا للغاية بهذا المجال المهم و في الجامعة تعرفت على والدتك و تزوجت منها خلال فترة قصيرة و كان ينتظرني عملا مرموقا بعد انتهاء دراستي الجامعية و في أخر شهور دراستي قررت الذهاب إلى أحد الدول الأفريقية لكي أجري بحث التخرج و انتهي من الدراسة . صمت أبي لفترة قصيرة فقالت له : أبي أرجوك أكمل . فعاد للكلام قائلا : عندما ذهبت إلى أفريقيا اكتشفت اكتشافا مذهلا و هذا الاكتشاف دمر حياتي . توقف أبي عن الكلام مرة أخرى فقالت له :أبي ما هو هذا الاكتشاف ..؟؟ فرد قائلا على الفور : أن الكرة الأرضية سوف تنهار لعدة ساعات و بعدها سوف تعود الأرض لوضعها منذ أن خلقها الله سبحانه و تعالى . قمت بالوقوف بعدما انتهى أبي من كلامه و قالت له : ماذا تقول يا أبي ..؟؟ فرد أبي قائلا : أن الكرة الأرضية سوف تنهار و زلزال الصين هو البداية لقد تحدثت عن اكتشافي هذا منذ وقت طويل و لكن العلماء و المثقفين اتهموني بالجنون أو بأنني أسعى للشهرة و حتى والدتك تركتني لهذا السبب و هذه هي الحقيقة . ساد الصمت المطبق لعدة دقائق بعدها قالت لأبي : هناك اكتشافات علمية كثيرة ثبت فشلها و إذا انهارت الكرة الأرضية فما الذي يحدث . رد أبي قائلا : كم كنت أتمنى أن يكون اكتشافي غير صحيح و لكن يوم بعد يوم تظهر دلائل تثبت صحة اكتشافي كقلة منسوب المياه و ارتفاع درجة الحرارة و الزلزال و دكتور سامي هو الشخص الوحيد الذي صدقني و عمل معي. أرد على أبي قائلا : إذن الموت هو مصيرنا ..؟؟ فيرد أبي قائلا : لا يا بني أنت سوف تعيش و كذلك الدكتور سامي . فأوقفت أبي عن الكلام و قالت : و أنت يا أبي ..؟؟ فرد أبي و الحزن مرسوم على وجهه : أنا راحل مثل كل البشر و أعرف أن كلامي و تصرفاتي جاءت كدفعة واحدة و لكن يجب أن تعرف كل شيء قبل فوات الأوان . أتقدم نحو أبي مسرعا الدموع تنهمر من عينأي و أقول له : أبي اكتشافك غير صحيح و سوف أعيش معك فأنا ما زالت صغيرا و هذه الأحداث فوق طاقتي . يضمني أبي إلى صدره و يقول لي : حياتك عندي هي أهم شيء بالنسبة لي . بقيت جاثما فوق صدر أبي و أنا أبكي حتى ابتعد أبي عني و نظر إلي و قال : كن شجاعا فلقد جهزت لك مفاجأة مهمة سوف تنقذ حياتك . فأرد على أبي قائلا : أبي لا أريد شيء سوى بأن تكون معي . حرك أبي عجلات كرسيه المتحرك و أبتعد عني و خرج من البيت و أنا أتبعه بخطوات بطيئة للغاية و توقف بالقرب من كراج المنزل و التفت إلي و قال : من هنا سوف تبدأ رحلتك .
الجزء الثالث – التعرف على الكبسولة أنظر إلى كراج منزلنا و أرد على أبي قائلا : أبي ماذا هناك ..؟؟ يرد أبي على سؤالي قائلا : أفتح باب الكراج و أنظر بتمعن إلى الكبسولة ..!! أتقدم أنا بخطوات سريعة و أفتح باب الكراج لأجد كبسولة صغيرة للغاية في منتصف الكراج و هذه الكبسولة يذكرني شكلها بكبسولة الدواء التي أتنولها عندما أمرض . بقيت صامتا لعدة دقائق فشكل الكبسولة أصابني بالدهشة و لكن أبي بدأ بالكلام قائلا : بعد قليل سوف أدخلك داخل هذه الكبسولة و حينها سوف ينتهي دوري و كذلك تنتهي حياتي . التفت بوجهي نحو أبي و أقول له : أرجوك أبي لا تتركني وحيدا . فرد أبي قائلا : هذا هو قدرك فسوف تعيش بينما يموت ملايين البشر و لكنني مطمئن عليك فهذه الكبسولة يوجد شبيه لها و هي عند صديقي الدكتور سامي فهو من سوف يرعاك بعد موتي . يؤشر أبي بيده باتجاه الكبسولة بعدما انتهى من كلامه و تقدم بكرسيه المتحرك نحو الكبسولة حتى وصل بالقرب منها و قام بالنقر على عدد من الأزرار فيها و إذا تنفتح فتحة صغيرة و يلتفت أبي إلي و يقول لي : الآن سوف تبدأ رحلتك . أتقدم نحو الكبسولة و أدخل فيها و الدموع تنهمر كالمطر و أجلس في كرسي صغير في وسط الكبسولة و ينظر أبي إلي و أنا داخل الكبسولة و يقول لي : الوداع يا بني . تغلق الفتحة الصغيرة و أشعر باهتزاز الأرض من تحتي فأبدا بالصراخ قائلا : أرحمني يا الله . أسمع صوتا يصدر من جهاز كومبيوتر موجود في الكبسولة يقول لي : لقد بدأ العد التنازلي لانهيار الأرض - لقد بدأ العد التنازلي لانهيار الأرض . مرت ساعات طويلة و أنا محبوس في الكبسولة و في كل لحظة يخطر في بالي سؤال ولا أجد جوابا له . كيف سوف أعيش حياتي بعدما أنجو ..؟؟ هل اكتشاف أبي حقيقي أم أن اكتشاف أبي كان مجرد توقعات ..؟؟ ما هو شكل الأرض بعدما انهارت ..؟؟
الجزء الرابع – أنا و الدكتور سامي أعود لسماع صوت من جهاز الكومبيوتر الموجود في الكبسولة و هو يقول لي : تمت العملية بسلام و الآن سوف تفتح الكبسولة - تمت العملية بسلام و الآن سوف تفتح الكبسولة . التفت بوجهي نحو فتحت الكبسولة و إذ أجدها تفتح ببطء شديد فأبتعد من الكرسي الصغير و أخرج من الكبسولة لأصدم بما أراه . لقد أصبحت الكبسولة كالقارب الصغير في النهر فالماء يحيط بالكبسولة فصرخت بأعلى صوتي قائلا : يا الله ما الذي يحدث ..؟؟ فإذ أسمع صوت الدكتور سامي وهو يقول لي : أن هذا متوقع . التفت إلى الخلف لأجد دكتور سامي وهو واقف من على كبسولته المشابهة لكبسولتي فيقف على رأس كبسولته و يقفز باتجاه كبسولتي . تقدم الدكتور سامي نحوي و مد يده و أخرج جسدي من داخل الكبسولة و قال لي : يا بني لا تقلق أن كل ما تراه توقعه أباك رحمه الله . شعرت بالحزن يعتصر قلبي فلقد تأكدت الآن من خبر موت أبي و نظرة إلى ما حولي و قالت للدكتور سامي : كيف سوف نعيش وحدنا ...؟؟ فرد الدكتور سامي وهو مبتسم : لقد ذاب الثلج في القطبين الشمالي و الجنوبي بعد الزلزال و لهذا نجد الماء في كل مكان و بكل تأكيد سوف نجد بشر أحياء و لكنهم الآن بضعة الآلاف. بعدما انتهى الدكتور سامي من كلامه نظر إلى الماء المحيط بنا لعدة دقائق و بعدها عاد للكلام و قال لي : أن منسوب الماء منخفض و يمكننا السير و أعتقد بأننا سوف نجد أسماك حية أيضا. أرد على الدكتور سامي قائلا : رغم ما جرى من أحداث إلا أنني أفتقد أبي . رد الدكتور سامي على كلامي قائلا : أن هذا قدري و قدرك و علينا تقبله و أرجوك أن تعتبرني مثل أباك رحمه الله و الآن أقفز في الماء . و بعدما انتهى الدكتور سامي من كلامه قفز في الماء و قفزت أنا أيضا و كان منسوب الماء منخفض مثلما توقع و لكننا لم نبتعد عن الكبسولتين لأننا لا نعرف ما الذي يحيط بنا . مرت الساعات و ما أجده هو بقايا قليلة للغاية من حطام بيوت و أشجار فصرخت بأعلى صوتي قائلا : ماذا سوف نأكل – كيف نعيش..؟؟ فإذ أسمع صوت الدكتور سامي يقول لي : لا تقلق أن الكبسولة هي بيتك و كذلك وسيلتك للتنقل و لكن ما زال الدرب طويل أمامك حيث يجب أن أعلمك كل العلوم التي حصلت عليها من أباك رحمه الله و حينها سوف تتنقل في هذه الأرض و تنشر العلم و السلام و تحمل نفس الرسالة العظيمة التي كان يحملها أباك . حسين علي غالب babanspp@maktoob.com http://www.geocities.com/babanbasnaes
#حسين_علي_غالب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الخاسر – قصة قصيرة
-
البيت و القبو – قصة قصيرة
-
أبي في القارورة
-
زائر القبور – قصة قصيرة
-
صوت الرصاص – قصة قصيرة
-
وسام الوحشية – قصة قصيرة
-
النزهة – قصة قصيرة
-
الغربة
-
أين مكاسب الطائفة أو المناطق
-
دور عبادة أم تجمعات سياسية
-
باقة الورد – قصة قصيرة
-
السيف الخفي – قصة قصيرة
-
ما ينقصنا مرض جنون البقر
-
لنودع فكرة الفيدرالية
-
نجح الجميع ما عدا السياسيين
-
بائع الصحف
-
الحي و الميت
-
السلاح في كل مكان
-
ما هو البديل عن العملية السياسية
-
المواطنة و الكفاءة
المزيد.....
-
وفاة الفنانة الأردنية رناد ثلجي
-
-حدث ذات مرة في الموصل- يحصل على جائزة MENA في مهرجان سينما
...
-
الصين تسعى لحظر أفلام هوليوود الأمريكية ردا على رسوم ترامب ا
...
-
زاخاروفا توضح موقف الغرب من النازية بصورة من عام 1948 لرسام
...
-
المغرب: لبصير والعوادي ضمن 7 فائزين بجائزة الشيخ زايد للكتاب
...
-
منع أم دعاية؟ الجدل يلاحق فيلم -استنساخ- قبل عرضه الرسمي
-
لماذا أصبحت الأفلام أطول زمنا؟ وهل يستمتع الجمهور بها؟
-
40 عنوانا جديدا.. ومسيرة الموسوعة السعوديّة للسينما مستمرّة
...
-
بمشاركة أكثر من 660 ناشرا.. الشارقة تطلق الدورة الرابعة لمؤت
...
-
الشارقة -ضيف شرف- المعرض الدولي للنشر والكتاب بالرباط في دور
...
المزيد.....
-
أوراق عائلة عراقية
/ عقيل الخضري
-
إعدام عبد الله عاشور
/ عقيل الخضري
-
عشاء حمص الأخير
/ د. خالد زغريت
-
أحلام تانيا
/ ترجمة إحسان الملائكة
-
تحت الركام
/ الشهبي أحمد
-
رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية
...
/ أكد الجبوري
-
نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر
...
/ د. سناء الشعلان
-
أدركها النسيان
/ سناء شعلان
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
المزيد.....
|