|
ألا تشعرون بالعار بطرد الشاعر أحمد جان؟
حميد كشكولي
(Hamid Kashkoli)
الحوار المتمدن-العدد: 715 - 2004 / 1 / 16 - 07:24
المحور:
اخر الاخبار, المقالات والبيانات
شعر القوميويون العرب و أذنابهم من مستعربين جدد بالخزي و العار عند وقوع الطاغية تاج رأسهم في قبضة القوات الأمريكية ، و قد هاجوا و ماجوا من المشاهد التي عرضت لصور الجلاد المهزوم و اعتبروها من أكبر الإهانات التي لحقت بالعرب . و معلوم عند القاصي و الداني أن العرب المغلوبين على أمرهم قد ذاقوا من الإهانات و الإضطهاد ما أنزل الله من سلطان على أيدي هؤلاء القوميين الذين نصبوا أنفسهم أوصياء عليهم و أباحوا لأنفسهم ممارسة كل أشكال التنكيل و الاستغلال ضد هم وهتك أعراضهم تحت شعارات واهية و خداعة . فباسم الوحدة و تحرير فلسطين ارتكب كبيرهم ابشع المجازر بحق السودانيين و اليمنيين مستخدما اسلحة الدمار الشامل . و قبل أيام لوّح النظام البعثي في سوريا بشعار " تحرير الجولان عبر قنديل" باعلانه التحالف مع حليف اسرائيل ضد ما يسمونهم بالانفصاليين الأكراد. و لا عجب أن يقدم نظام عنصري على طرد الشاعر أحمد جان عثمان من سوريا ، و قد حرم مئات الآلاف من رعاياه من حق المواطنة و مايترتب على ذلك من حرمانهم من العيش في مساواة مع مواطنيهم الآخرين وتبوؤ المناصب المهمة في البلاد و حق الدراسة و سواه . و هناك عشرات الشعراء و الكتاب يقيمون في منافيهم ، ولا يستطيعون زيارة" وطنهم" الذي حسب قول احدهم الجدير بالخيانة . و لست هنا بصدد الكلام عن انتهاكات النظام البعثي لحقوق و حريات الإنسان في هذا البلد ، فليس هناك من يجهل سجله في هذا المجال. لكن عجبي من أن كثيرا من المثقفين إلى هذا اليوم يتشبثون بهذا النهج العنصري الرجعي و كأنه لا حياة دونه ، فنحن اليوم في الألفية الثالثة ، عصر المعلوماتية و الديمقراطية و الجماهير لا يمكن للنهج و التفكير التوتالياري و الشوفيني أن يلائم الحياة ، إذ أنه يفتقد لآفاق المستقبل و متطلبات الأستمرار. و التوتاليتارية العربية قائمة إلى يومنا هذا ، إنما هو الوقت الضائع و قد تأخر موتها الذي كان يجب أن ينواقت مه انتهاء الحرب الباردة و انهيار الأنظمة التحريفية في اوروبا الشرقية. إن السبب في طرد الشاعر السوري أحمد جان عثمان المتحدر من قبائل الاغوز الصينية ليس مجهولا رغم عدم اعلانه من قبل النظام السوري. و إن معرفة الظروف التي يمر فيها هذا النظام كفيل بمعرفة السبب غير المعلن. فكيف يحق لبلد طرد انسان يقيم فيه لأكثر من عشرين عاما ، و متزوج من احدى بناته و تصبح اما لأولاده ؟ و الأدهى أنه يكتب الشعر الجميل باللغة العربية التي يحبها و يجيدها أفضل من عرصات الاتحادات القائمة بأمر أنظمة الفساد العربية. لا عجب ، لا عجب ، ألم يطرد التوأم البعثي في العراق مئات الألوف من مواطنيه و رماهم في حقول الألغام إلى خارج البلاد؟ ألم يحرم عشرات الكتاب و الشعراء من جنسيتهم؟ إن كل دول العالم المتحضر يحتضن كل الكفاءات القادمة اليها ، و انه حتى في تركيا تجنس ملايين من البشر بالجنسية التركية من بينهم المئات من الكفاءات العلمية و الادبية و الفنية . إن الانظمة العربية تكشف يوميا للعالم أنها لا تعيش في هذا العصر. و حسب المقابلة التي اجرتها إذاعة بي بي سي مع الشاعر المطرود ، علمت أنه يعمل في إذاعة معارضة صينية موجهة الى الصين ، و الصين قوة عظمى لها حق النقض " الفيتو" في مجلس الأمن الدولي. و ان النظام السوري وضعته الإدارة الأمريكية على رأس الدول المارقة في محور الشيطان. و بالتأكيد ينزعج النظام الصيني من معارضيه و ينفذ فيهم احكام الإعدام علنا ، وسط صمت الدول الصناعية و خاصة الولايات المتحدة ، حفاظا على مصالحها التجارية الكبيرة في الصين. لذلك ان السبب يتجلى بوضوح و هو أن الحكومة الصينية قد طلبت بشكل من الأشكال من الحكومة البعثية بأن تمنع أي معارض لها من القيام بنشاطات سياسية في اراضيها. أو ان الحكومة السورية تفهم ما تؤيد منها الصين . و ان النظام السوري لا يستبعد بأن الدور قد يأتيه بعد نظيره البعثي العراقي. ويتوهم – مثل كل الدكتاتوريات في العالم- بأن يكسب الصين الى جانبه في مجلس الأمن ربما سيشفع له إن استخدم حق الفيتو ضد اي قرار تستصدره الإدارة الامريكية يعطيها الشرعية الدولية باسقاط النظام البعثي السوري . و ليس من المستغرب أن يؤيد عقلة عرصان هذا القرار و يشرعنه بشرعيته الكريمة ، مثلما طرد الكتاب العراقيين من مؤتمر المهزلة ، و قد يمدح هذا القرار بأنه تاريخي و خطوة كبيرة باتجاه تحرير الجولان . فماذا يقول المرء في مسخ لا يعرف إلا تبرير قرارات معادية للإنسان و الجمال ، و هنا اتذكر بيتا لشاعرنا أبي نؤاس ، عسى أن يفهمه عرصات بعقله النير بالريموت كونترول : ماذا أقول فيك ؟ لا أدري إن هجوتك لأشفقت على شعري و إن الشاعر السوري – غصبا عليكم سوري للنخاع – أحمد جان ليس كارلوس و لا عبدالله اوجلان ، و أنه جاء اليكم يحمل فقط قلبه و حبه للغة العربية و آدابها .. و إنه لمن دواعي الأسف صمت المثقفين العرب على قرار طرده .. القرار الذي يفتقد إلى أي مسوغ قانوني و أخلاقي ، و إني أوجه ندائي لهم وأناشد الشرفاء منهم بأن يبدو موقفهم قبل فوات الأوان ، فالإنسان ليس إلا مواقف.
#حميد_كشكولي (هاشتاغ)
Hamid_Kashkoli#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
موجة على شغاف القلب
-
10 يورو للإرهابيين القتلة
-
مساء فاطمة للشاعر الكردي دلاور قره داغي
-
قفر
-
أحضان الصقيع
-
قطع الأذنين! ربّما عقاب عادل لجرذ العروبة
-
هل حقا كنّا نستحق هذا زعيما؟
-
لا حياة بدون حوار و تفاعل
-
ثمة جذور تركية للتفجيرات الإجرامية الأخيرة في اسطنبول
-
روح في سماء -السليمانيّة- إلى ف
-
الريح القدس
-
شارلي شابلن بفيلمه - الدكتاتور- انتصر على النازية
-
أمام الجدران
-
قصائد للشاعرة چنار نامق حسن
-
الشاعرة الأمريكية -أميلي ديكنسون
-
الشاعرة السويدية كارين بوية
-
ماه شرف خان كردستاني
-
وفي قلوبهم للطغاة عروش
-
أمواج الأحلام
-
قصائد للشاعرة الفنلاند سويدية أديث سودرغران
المزيد.....
-
اللحظات الأولى بعد انفجار غامض خارج مكاتب شركة القطارات اليو
...
-
عشرات القتلى والجرحى في هجوم روسي على مدينة سومي بشمال شرق أ
...
-
الداخلية البحرينية تكشف تفاصيل سرقة ساعة ومحاولة المشتبه به
...
-
قصف -إسرائيلي- على مستشفى المعمداني بغزة وإسرائيل تحقق في ال
...
-
حجاج إسبان يصلون إلى سوريا في طريقهم إلى السعودية على ظهور ا
...
-
إسرائيل تكثف قصف مناطق غزة ومرافقها الصحية
-
طهران: المفاوضات مع الجانب الأمريكي تشمل فقط الملف النووي ور
...
-
حرب لبنان: هل فعلا انتهت؟
-
إسرائيل تقصف مستشفى المعمداني في غزة وتدمر قسم الطوارئ والاس
...
-
مقال بوول ستريت جورنال: أيريد ترامب أن يُعزل مجددا؟
المزيد.....
-
فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال
...
/ المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
-
الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري
...
/ صالح ياسر
-
نشرة اخبارية العدد 27
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح
...
/ أحمد سليمان
-
السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية
...
/ أحمد سليمان
-
صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل
...
/ أحمد سليمان
-
الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م
...
/ امال الحسين
المزيد.....
|