|
المستوى الإدراكي للطالب الجامعي اتجاه الوجود الأمريكي في العراق
علي عبد الرحيم صالح
الحوار المتمدن-العدد: 2149 - 2008 / 1 / 3 - 11:36
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
* 4 % يرون في القوات الأمريكية بأنها صديقة * 96 % يرون في القوات الأمريكية بأنها احتلال عقل قد أتعبته الظنون ، و أثقلته بمفاهيم و أفكار قد لا تصل به إلى ما يصبوا أليه أو يريد أن يكون ، عقل تشبع بتفسيرات يحاول بها أن يسد جوع معرفته و يقلل من موجات توتراته ، ليحاول أن يتكيف مع مجريات واقعه و أن يحقق الأمان الذي يريد أن يستشعره ، و يتخلص من قلقه الذي يحاول أن يعصره و يستبد به ، فلو نظر كل أفراد المجتمع العراقي الآن إلى بيئتهم من خلال ما تحمله من قضايا و إحداث مهمة طغت عليهم رغم أرادتهم أو بإرادتهم في مجريات و تغيرات سياسية و اجتماعية و اقتصادية و دينية و نفسية ، لوجدوا الكثير من المتغيرات التي طغت حولهم من أشخاص و أماكن و قضايا و أفكار و معتقدات و أنظمة اجتماعية دينية معقدة ، و من ضمن هذه المتغيرات التي وجدها ، القوات الأمريكية ( أمريكا ، بريطانية ، بولندا ، ايطاليا ، ... ) في مجاله البيئي الخاص ،التي سبق أن عاصر لإباء و الأجداد تجربتها، و التي كانت لها تأثير كبير في مجرى حياتهم النفسية و الاجتماعية.....، و بما أن الطالب الجامعي يمثل الطبقة المثقفة في مجتمعنا و الذي هو جزء لا يتجزأ منها لذا من المهم معرفة رأيه تجاه وجود هذه القوات ، و كيفية أستجابته لها وتصرفه نحوها ؟ و ما هو التفسير الذي يضعه هذا الطالب ليتكيف به مع وجود هذه القوات ؟ و كيف ينظر أليها أهي قوات احتلال تسعى وراء مصالح و قضايا خاصة أم قوات صديقة تحاول أن تساعده و تخرجه من المأزق الذي هو فيه أو التي وضعته فيه ؟! و هل هناك أحداث حاولت أن تغير هذا الإدراك ؟ أي بمعنى أكثر وضوح ما هو تفسير أدراك طالبنا الجامعي للوجود الأمريكي و ما يثير فيه من نشاط و انتباه ؟ *كيف ينظر طالبنا الجامعي إلى القوات الأمريكية قبل أن أدخل في صلب الموضوع سأحاول توضيح مفهوم الإدراك من الناحية النفسية حتى يكتمل المفهوم العام للدراسة ، حاول علماء النفس دراسة موضوع الإدراك دراسة جدية و مكثفة باعتباره من العمليات المعرفية و العقلية التي يتميز بها الإنسان عن باقي الكائنات الحية ، لما له من جهاز عصبي قائم على نظام راقي َ و عال جدا ً في تعامله مع الأشياء الخارجية و الداخلية لديه ، فالإدراك نشاط عقلي متطور يساعد الإنسان على أن يفهم و يعي أمور و مجريات حياته و أن يجاري به بيئته ليشبع حاجاته و رغباته و يحقق قدراته و إمكاناته و ميوله فعرفه الأستاذ أحمد عزت راجح بأنه( 1 )( تفسير الإحساسات تفسيرا يزودنا بمعلومات عما في عالمنا الخارجي من أشياء ) كما عرفه ( 2 ) Guenther بأنه ( عملية التوصل إلى المعاني من خلال تحويل الانطباعات الحسية التي تأتي بها الحواس عن الأشياء الخارجية الى تمثيلات عقلية داخلية معينة ) كما عرفه الباحث بأنه ( عملية عقلية داخلية راقية تقوم على تفسير الإحساسات التي تستقبلها حواسنا عن العالم الخارجي و معالجتها داخليا ً مع خبراتنا السابقة أن وجدت ، لتكوين مفاهيم و معاني حول الأشياء التي تحيط بنا و هو يختلف من فرد إلى أخر و من جماعة لأخرى ) .( فالإدراك نظام عقلي قائم على التقاط خصائص الأشياء من خلال حواسنا و معالجتها داخليا من خلال تعديل هذه الخصائص باستخدام مصادر أضافية من المعلومات )( 2 ) و بما أن الإدراك يختلف لدى كل فرد عن الأخر ، فلكل فرد إدراكه المميز و الخاص به ليحاول من خلاله تفسير الأحداث التي تطرأ على مجاله الخاص أو بيئته كما يدركها هو ، و حتى يكون المقال أكثر موضوعية و صدق تمت هذه الدراسة الاستطلاعية على عينة عشوائية من طلبة كلية الآداب جامعة القادسية بلغ مجموعها ( 100 ) فرد تناولت متغيرين الأول هو الجنس أنقسم على ( 50 ) ذكور و ( 50 ) إناث و الثاني متغير العمر الذي تراوح بين ( 20 ــ 32 ) سنة من خلال استبيان مفتوح أحتوى على سؤال مفاده { كيف تفسر وجود القوات الأمريكية في العراق حلل ذلك } و قد أظهر نتائج هذا الاستبيان تفسير مستوى أدراك الطالب الجامعي في وجود القوات الأمريكية حسب وعيه الخاص و هو ما يلي : أولا : أدراك يرى أن القوات الأمريكية في العراق قوات صديقة جاءت على إرساء مبادئ الديمقراطية في العراق و الشرق الأوسط من خلال تغيير الأنظمة الفاسدة الدكتاتورية في هذه البلدان ، و هذا الإدراك حاز على نسبة مقدارها ( 4 % ) ثانيا ً أدراك سياسي عسكري : يرى هذا الإدراك أن وجود القوات الأمريكية قوات محتله تسعى الى أ / تنصيب نفسها كأقوى دولة في العالم على بقية الدول الأخرى . ب / تصفية القوى التي تعارضها من خلال تسميتها بالإرهاب و القضاء عليها . ج / جعل العراق ورقة رابحة تتنافس عليها الأحزاب الأمريكية ( جمهوري / ديمقراطي ) لترجح احدها بالفوز على شعبية أكبر في وسط الشعب الأمريكي ، بزعامة إنقاذه من قوى الإرهاب و حاز هذا الإدراك على نسبة ( 6 % ) ثالثا : أدراك أستتراتيجي : و هو يرى أن القوات الأمريكية قوات محتلة ، احتلت العراق كونه يقع في قلب العالم و منفذ أستتراتيجي مهم تسعى من خلاله إلى بناء قواعد عسكرية مختلفة لتسهيل بسط سيطرتها على دول العالم و هو حاز على نسبة ( 6 % ) رابعا : أدراك اجتماعي : و هو أدراك يرى أن القوات الأمريكية قوات محتلة تسعى إلى إشاعة الفوضى و تخلف أنظمتنا الاجتماعية من خلال خلق أنظمة فاسدة تعمل على تغيير فكر الشاب العراقي عن طريق تخديره و جعله يسعى وراء ملذاته و رغباته و تغيير قيمه و عاداته و إرساء الثقافة الغربية محل الثقافة العربية و هذا الإدراك حاز على نسبة ( 13 % ) خامسا : أدراك اقتصادي : و هو أدراك يرى بأن القوات الأمريكية محتلة ، تسعى للاستيلاء على الثروات و المصادر النفطية ... للعراق من خلال نهبه و سرقته و جعله ذخيرة أنية و مستقبلية تستند عليها لتساعدها على رفع مستوى اقتصادها و مواردها و بالتالي تساعدها على تنفيذ خططها الاستعمارية و هذا الإدراك حاز على نسبة ( 18 % ) سادسا : أدراك ذو رؤى متعددة : و هو أدراك يرى أن القوات الأمريكية في العراق محتله فسر الوجود الأمريكي من عدة جوانب ( أي أكثر من تفسير واحد ) سياسي عسكري ، اقتصادي ، اجتماعي ، ... و هو حاز على نسبة ( 20 % ) سادسا : أدراك ديني : و هو أدراك حصل على أعلى نسبة من بقية الأدراكات الأخرى تجاه الوجود الأمريكي ، و هو يرى بأن القوات الأمريكية محتلة تسعى مع حليفتها إسرائيل على إنهاء الدين الإسلامي ، و القضاء على الأمام المهدي المنتظر ( ع ) و زرع الفتن الطائفية و البدع الدينية و تشويه الدين الإسلامي و تسميته بالدين الإرهابي و جعل راية الإسلام هي الأدنى و راية اليهود الأعلى و هو يستند في ذلك إلى { زرع الحرب الطائفية بين السنة و الشيعة / زرع الكراهية بين الديانات الموجودة في العراق / محاولة قتل و اغتيال المراجع الكبار / تدمير المساجد و نشر صفوف الفساد } و هذا الإدراك حاز على نسبة ( 27 % ) . نجد النسبة الكبيرة من الأجوبة ترى ان القوات الأمريكية في العراق قوات احتلال( 96 % ) بينما ( 4 % ) ترى بأنها قوات صديقة . أسباب تفسير أدراك طالبنا الجامعي نحو الوجود الأمريكي سؤال يطرح نفسه / ما هي الأسباب التي جعلت هؤلاء الطلبة يتبنون هذه التفسيرات ( أي كقوات أحتلال ) و يتعاملون معها على أرض واقعهم ليتكفون و يجارون بها متطلبات البيئة ؟ و ما الذي تغير بعد ترحيب فردنا العراقي لدخول القوات الأمريكية إلى العراق إلى هكذا تفسير ؟ أما الجواب هو : * الخبرات السيئة التي أمتاز بها الجيش لأمريكي في معاركه السابقة في فيتنام ،و كوبا ، و أفغانستان . * الخطأ المتعمد الذي أرتكبه الجيش الأمريكي من خلال ترك المؤسسات و الوزارات والدوائر الحكومية معرضه للسلب و النهب ما عدا وزارة النفط , * فضائح القوات الأمريكية من خلال أجهزة مخابراتها في تعذيب السجناء و الأسرى و المعتقلين خاصة ( فضيحة سجن أبو غريب ) . * أستعمال العنف و القسوة و مخالفة حقوق الإنسان من خلال المعاملة اللانسانية لهذه القوات في عمليات التفتيش و المداهمة و الاعتقال العشوائي . * عرقلة الحكومة العراقية في تنفيذ مشاريع الأعمار و الخطط الأمنية ( و هو ما صرح به رئيس الوزراء نوري المالكي ) . * تقييد الحكومية العراقية عن طريق الرؤساء الأميركيين و إجبارها على تنفيذ سياسيتها هي دون غير . * كثرة المصادر و الفتوى و المراجع الدينية و التاريخية التي تأكد على ألاحتلال المستقبلي لهذه القوات و التي طلقت عليها تسمية ( اليهود و الصليبين ) ، مع ذكر هدف مخططها و هو القضاء على الدين الإسلامي و الأمام المنتظر ( عجل الله فرجه الشريف ) . رأي الكاتب يرى الكاتب أن على أفراد المجتمع العراقي أن يتعاملوا بسياسة ذكية و قوية عند استجابتهم لوجود هذه القوات بعيدا ً عن أي تفكير عاطفي ، أو رد عنيف ،و الرجوع الى التفكير المنطقي ، حتى نتخلص من وضعنا الحالي بطريقة أقل عنف و قتل و دمار ،مع تعاوننا في طرد الزمر التي تريد الخراب و البقاء في العراق . المصادر ( 1 ) عزت ، احمد راجح / أصول علم النفس / 1973 . (2 ) الزغلول ، رافع النصير ، و أخرون / علم النفس لمعرفي / 2003 .
#علي_عبد_الرحيم_صالح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
العقاب المدرسي الطريق للهرب من المدرسة
-
الاقتدار الاجتماعي سيكولوجية العيش و احترام الآخر
-
قلق الموت هل أصبح هاجساً لدى الفرد العراقي ؟
-
الذات الجسمانية سيكولوجية التوافق مع الجسد
-
الرغبة في الزواج سيكولوجية الحاجة للجنس الآخر
-
الاهتمام الاجتماعي سيكولوجية الصداقة و الحب
-
الشعور بالوحدة سيكولوجية الانسحاب الاجتماعي
-
لغة الأعراض سيكولوجية الشكوى الوجودية
المزيد.....
-
أول تصريح لإيران بشأن المحادثات النووية بعد إعلان ترامب عن -
...
-
عراقجي يعلن عن موعد لقاء وفدي إيران والولايات المتحدة في بلد
...
-
الحرس الثوري الإيراني يعلن تفكيك خلية إرهابية تابعة لتنظيم -
...
-
-تجريم التطبيع-.. نائب تونسي: أقول لعموم شعبنا لا تعولوا كثي
...
-
السفارة الروسية في لندن تنفي صحة الأنباء حول التهديد الروسي
...
-
السفير الصيني عن الولايات المتحدة: أكبر -إمبراطورية قراصنة-
...
-
-صورة احتراقه هزت العالم-.. نهاية مأساوية لصحفي فلسطيني من غ
...
-
فرنسا: السجن المؤبد لجزائري نفذ هجوما بعبوة ناسفة في 2019 أص
...
-
ثلاثة قتلى في غارات إسرائيلية على جنوب لبنان وتل أبيب تؤكد ا
...
-
ارتفاع متوسط أعمار السعوديين من 74 إلى 78.8 سنة
المزيد.....
-
سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي
/ محمود محمد رياض عبدالعال
-
-تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو
...
/ ياسين احمادون وفاطمة البكاري
-
المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة
/ حسنين آل دايخ
-
حوار مع صديقي الشات (ج ب ت)
/ أحمد التاوتي
-
قتل الأب عند دوستويفسكي
/ محمود الصباغ
-
العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا
...
/ محمد احمد الغريب عبدربه
-
تداولية المسؤولية الأخلاقية
/ زهير الخويلدي
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
المزيد.....
|