|
حين يصوغ العجم دستور العراق !
علاء اللامي
الحوار المتمدن-العدد: 661 - 2003 / 11 / 23 - 10:33
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
مشكلة بعض المواطنين العراقيين - قلنا العراقيين - من أصول فارسية هي إنهم مستعدون دوما لتجرع كأس العلقم ، وبجرة واحدة ،ولكنهم لا يتجرعون مفهوم عروبة العراق أو أن شيعة العراق من العرب الأقحاح وهم في هذا يتساوون بحزب المقابر الجماعية الصدامي رغم كل عويلهم و صراخهم وجنجلوتياتهم ضده ! هؤلاء السادة العراقيون من أصول غير عربية ، والفارسية تحديدا ، يتشابهون تشابه فلقتي حبة الباقلاء ، فلا فرق بين شيخ معمم منهم يكاد يذوب لفرط مرونته وتسامحه الفكري أو متخصص يساري بالاقتصاد أو خبير نفطي أو موزع للترياق الإيراني في أزقة كربلاء والنجف .. نعم ، هم متشابهون في كل شيء يخص هوية العراق العربية الإسلامية و متفقون على ضرورة حذفها وتحويل العراق إلى "خانجغان " معدوم الهوية والملامح التاريخية والجغرافية حتى وإن اختلفوا في تسعة أعشار دينهم ودنياهم . هؤلاء الناس كانوا ومازالوا ينظرون إلى العراق كفندق درجة سابعة "بلوشي " حطوا فيه رحالهم بانتظار الرحيل إلى الفندق الأم " إيران "، أو بانتظار الاستيلاء على الفندق نفسه وإلحاقه بالآخر الأم ، ولهذا تراهم أسخياء منتهى السخاء ،وكرماء غاية الكرم متى تعلق الأمر باقتطاع جزء من العراق ومنحه لدولة آل الصباح ،أو بقصف بغداد بالقنابل الفتاكة وقد رأيت بعيني مجموعة منهم يرقصون في ساحة "بلان باليه" بجنيف ليلة تدمير بغداد ، أو بتشريع وتسريع وتصريع مجلس "بريمر " لتسويق الخيانة والاحتلال .. هل سمعتهم رئيس فندقهم الأم المُلا الانفتاحي محمد خاتمي وهو يعلن اعتراف دولته بهذا المجلس المعزول والهامشي والصغير شكلا ومضمونا ويعتبره هو العراق الرسمي !! على أية حال لقد سبق خاتمي إسرائيل بهذا الاعتراف مؤكدا ما قاله كيسنجر ذات يوم حين قارن بين العراق وإيران وإسرائيل حين قال (إسرائيل كانت معنا في الماضي وهي معنا في الحاضر وستكون معنا في المستقبل أما إيران فقد كانت معنا في الماضي وهي الآن ضدنا في الحاضر وستكون معنا في المستقبل ، أما العراق وبغض النظر عمن يحكمه فهو ضدنا في الماضي وضدنا في الحاضر وسيكون ضدنا في المستقبل !) والأكيد أن دولا ومحميات طائفية أخرى كالسعودية والكويت ستلتحق بدولة خاتمي قريبا وتعترف بمجلس "بحر العوج " و بالوزارة التي يمسك فيها ولده المدلل بالسروال الداخلي لوزارة النفط على سرير شركات النفط الأمريكية . مشكلتنا مع السادة العراقيين من أصول إيرانية هي إننا نعترف بعراقيتهم بعكس نظام صدام ، ولكنهم لا يعترفون بعروبتنا بل يشطبون عليها بحجة وجود أقليات غير عربية تارة ، أو بتلميع مبالغ فيه لهوية الأغلبية الدينية تارة أخرى حيث يبدأ الردح واللطم " دفاعا " عن الهوية الإسلامية وعن الدين الإسلامي المظلوم وكأن الفرس هم من جاءوا بالإسلام إلى العرب وليس العكس ، وهم في هذا لا يدافعون عن الإسلام بل يحاولون تمييع هوية العراق العربي ومهد الساميين الأوائل و وعاء الحضارة العربية الإسلامية طوال تسعة قرون هي عمر الدولة الإسلامية وعاصمتها بغداد ، وبالمناسبة فالجغرافيون العرب وغير العرب كانوا يسمون إيران أو بلاد فارس آنذاك بـ "عراق العجم " تمييزا له عن عراق العرب أولا ، ولأن إيران كانت آنذاك ملحقا أو امتدادا حيويا بالعراق العباسي ثانيا . مناسبة هذا الكلام هو إنني قرأت يوم أمس مسودة دستور من دساتير الموسم الفيدرالي فوجدت فيه خطأ مطبعا حيث "نسي" مسوِّد الدستور الأغلبية العربية الشيعية أثناء تعداده لمكونات المجتمع العراقي وكرر عبارة الشيعة الكرد مرتين . وأعترف بأنني اعتبرت الأمر مجرد خطأ لغوي أو مطبعي وقد قلت ذلك للزميل محرر الموقع الذي نشر الدستور في رسالة سريعة ولكنني أعتقد إن لاوعي محرر الدستور كان خلف هذا الخطأ ، ورغم حذر الشديد من استعمال المفردات القادمة من القاموس الاحتلالي وبخاصة النوع الطائفي منها ولكنني وجدت الأمر قد زاد عن حده وخرج من خانة التعارض والاختلاف الفكري والسياسي لينزل في خانة الإهانة المقصودة لأغلبية العراقية الساحقة من العرب والبالغة اكثر من ثمانين بالمائة من السكان وتجريدهم علنا وبروح " ديموقراطية " من هويتهم وانتمائهم القومي وهذا منتهى الاستهتار والاستقواء الجبان بالغزاة الأجانب . مسودة الدستور التي تتكرم وتسخو على الأحزاب القومية الكردية العميلة للاحتلال بالفيدرالية ( وأنا بصراحة مع دولة كردية كاملة لإنهاء مأساة هذه الأمة المعذبة ولكن ليس على أرض وعلى حساب العراق فقط ) وتتكرم المسودة -لا بيض الله وجهها - على العلمانيين من أمثال الزنيم ابن مكية وعبد القادر الجنابي وسواهم من فرقة ماسون أفندي بمرونة فائقة وعلى اللبراليين من ربع خالد القشطيني وانتفاض قنبر بتعددية فضفاضة استثنت نوعين من المخلوقات فلن تذكرهم في طول وعرض نصوصها وهما : فقمات القطب الشمالي و عرب العراق ، فهل يتعلق الأمر بنسيان عادي أم إنه اللاوعي والشعور الباطن الذي أطفأ نور العقل والذاكرة ودفع القلم لأن يكتب بدلا من كلمة "عرب " كلمة أخرى ؟ غريب أمر هذا النوع من المواطنين العراقيين من أصول فارسية : ففي الوقت الذي يهادنون في الاحتلال الأمريكي ، ويدافعون عن مجلس صوري شكله الغزاة الأجانب الذين كانوا يسمونهم ذات يوم الشيطان الأبجر أو الأبتر أو أي شيء على زنة أفعل ، و يهاجمون المقاومة العراقية الباسلة خالطينها عن عمد وخبث بجرائم أشقائهم السلفيين الوهابيين ، وفي الوقت الذي يتساهلون فيه في أمور ثروات العراق ويفبركون القصص والأسباب التي تسهل عملية نهب النفط العراقي متهمين كل من يدافع عن العراق بأنه بعثي وابن بعثي حتى ينقطع النفس ( أحدهم كرر هذه التهمة إحدى عشرة مرة بحق أحد ثوار العراق ممن ترك بلده قبل أكثر من عشرين عاما دون أن يعرف حتى اسم من يتهمه ) حتى ولو كان هذا المدافع عن العراق ونفطه وعروبته وإسلامه يحمل على جسده من آثار الصمود في وجه البعثيين أكثر مما يحملون هم من مسروقات الزكاة والخمس وأختام السلاطين والأحزاب التي كانت حمراء ذات يوم ثم ابيضت فجأة تحت ضغط الأحداث . نعم .. من أراد أن يعرف الفرق الحقيقي بين شيعة علي بن أبي طالب الذين نتشرف بالانتماء لهم وبين شيعة اطلاعات الإيرانية فليقرأ دستورهم الفيدرالي ،الديموقراطي ،التعددي ،الإسلامي ، العلماني ،اللبرالي ، التقدمي ، العرموطي ، البطيخي .. الخ ولكن ليس العربي !
#علاء_اللامي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
دروس في النحو والإملاء :الدرس الخامس والعشرون :الفاعل
-
الإبداع الفني والأدبي وظروف العنف
-
دروس في النحو والإملاء الدرس الرابع والعشرون :الخبر
-
خبير نفطي يؤكد تهافت تطمينات حمزة الجواهري بالأدلة والخرائط
...
-
دروس في النحو والإملاء الدرس الثالث والعشرون:المبتدأ
-
توضيح لغوي حول لفظ الجلالة في العلم العراقي
-
دروس في النحو والإملاء الدرس الثاني والعشرون : علامات الإعرا
...
-
عملاء لمخابرات صدام بالأمس و عبيد للأمريكان اليوم ! فضيحة ان
...
-
دروس في النحو والإملاء الدرس الحادي والعشرون : المعرب والمبن
...
-
دروس في النحو والإملاء الدرس العشرون : خلاصات ومسموحات حول ا
...
-
أحفاد معاوية والمنطق -الباطني- : إنهم يغتالون الشهداء !
-
قناة -سرايا الدفاع -وهشام الديوان والشهيد الحي علي إسماعيل !
-
دروس في النحو والإملاء :الدرس التاسع عشر : النحو الساكن / قو
...
-
بيان مقطوع اللسان إلى المثقفين العرب !
-
الإدارة الأمريكية لا تعرف المزاح ولا الشقندحيات في مجال النف
...
-
دروس في النحو الإملاء الدرس الثامن عشر : النحو الساكن في نصو
...
-
إسرائيل وقطر والكويت والتنقيب عن النفط العراقي !
-
هل يعتبر الهتلي أكثر شرعية من مقتدى الصدر ؟ الحكومة البديلة
...
-
دروس في النحو والإملاء : الدرس السابع عشر : المخالفات اللغوي
...
-
الوصفة الجلبية لإشعال الحرب الأهلية : حملة لاستئصال البعثيين
...
المزيد.....
-
هوت مروحيتهم من السماء.. مقتل رئيس تنفيذي بشركة -سيمنز- وعائ
...
-
-ترامب يصف قرار الاتحاد الأوروبي بعدم الرد على الرسوم بـ-الذ
...
-
استقالة ملياردير فلسطيني أمريكي من منصبه في هارفارد بعد دعوى
...
-
ترامب يرثي ضحايا مروحية نهر هدسون ومن بينهم مسؤول في -سيمنس-
...
-
-ديلي ميل-: مساعدات بريطانية لأوكرانيا تشمل مئات آلاف المسيّ
...
-
عالم خفي تحت أقدامنا.. اكتشاف مخلوقات مجهرية غريبة في المنطق
...
-
-قيلولة القهوة-.. سر الطاقة الذي لا يعرفه الكثيرون!
-
العلم يحول الخيال إلى واقع.. تطوير شاشات هولوغرام يمكن لمسها
...
-
أمل جديد لعلاج العقم.. اكتشاف آلية جينية لحماية الخصوبة
-
ثروة بيئية.. اكتشاف ميكروبات قادرة على تنقية مياه العالم بأس
...
المزيد.....
-
فهم حضارة العالم المعاصر
/ د. لبيب سلطان
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3
/ عبد الرحمان النوضة
-
سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا-
/ نعوم تشومسكي
-
العولمة المتوحشة
/ فلاح أمين الرهيمي
-
أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا
...
/ جيلاني الهمامي
-
قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام
/ شريف عبد الرزاق
-
الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف
/ هاشم نعمة
-
كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟
/ محمد علي مقلد
-
أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية
/ محمد علي مقلد
-
النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان
/ زياد الزبيدي
المزيد.....
|